الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          فصل

                                                          اتفق أبو عمرو من روايتيه والكسائي ، من رواية الدوري على إمالة كل ألف [ ص: 55 ] بعدها راء متطرفة مجرورة سواء كانت الألف أصلية أم زائدة عنه نحو الدار ، الغار ، القهار ، الغفار ، النهار ، الديار ، الكفار ، الفجار ، الإبكار ، بدينار ، بقنطار ، بمقدار ، أنصار ، أوبارها ، أشعارها ، آثارهما ، آثارهم ، أبصارهم ، ديارهم ، واختلف عن ابن ذكوان ، فروى الصوري عنه إمالة ذلك كله ، وانفرد عنه أبو الفتح فارس بن أحمد فيما ذكره الداني في جامع البيان بفتح الأبصار فقط نحو لأولي الأبصار ، يذهب بالأبصار حيث وقع من لفظه فخالف فيه سائر الناس عنه ، وروى الأخفش عنه الفتح ، وهو الذي لم تعرف المغاربة سواه ، وروى الأزرق عن ورش ، جميع الباب بين بين ، وانفرد بذلك صاحب العنوان عن حمزة ، وكذلك رواه عن أبي الحارث إلا أن روايته عن أبي الحارث ليست من طرقنا ، ولا على شرطنا - والله أعلم - .

                                                          وقرأ الباقون الباب كله بالفتح وخرج من الباب تسعة أحرف ، وهي الجار في موضعي النساء و حمارك في البقرة و الحمار في الجمعة ، و الغار في التوبة ، و هار فيها أيضا و البوار في إبرهيم ، و القهار حيث وقع ، و جبارين في المائدة والشعراء ، و أنصاري في آل عمران والصف فخالف بعض القراء فيها أصولهم المذكورة ، أما الجار فاختص بإمالته الدوري عن الكسائي وفتحه أبو عمرو إلا أنه اختلف عنه من رواية الدوري ، فروى الجمهور عنه الفتح ، وهي رواية المغاربة وعامة المصريين ، وطريق أبي الزعراء عن الدوري والمطوعي عن ابن فرح ، وروى ابن فرح عنه من طريق النهرواني وبكر ابن شاذان وأبي محمد الفحام من جميع طرقهم ، والحمامي من طريق الفارسي والمالكي كلهم عن زيد عن ابن فرح بالإمالة ، وهو الذي في الإرشاد والكفاية والمستنير ، وغيرها . من هذه الطرق ، وبه قطع صاحب التجريد لابن فرح عنه ، وقطع الخلاف لأبي عمرو فيه أبو بكر بن مهران ، وهي رواية بكر السراويلي عن الدوري نصا ، ولم يستثنه في الكامل ، وذلك يقتضي إمالته لأبي عمرو بغير خلاف والمشهور عن أبي عمرو فتحه ، وعليه عمل أهل الأداء إلا من رواه

                                                          [ ص: 56 ] عن ابن فرح - والله أعلم - .

                                                          واختلف فيه عن الأزرق عن ورش ، فرواه أبو عبد الله بن شريح عنه بين بين ، وكذلك هو في التيسير وإن كان قد حكى فيه اختلافا فإنه نص بعد ذلك على أنه بين بين قرأ به ، وبه يأخذ ، وكذلك قطع به في مفرداته ، ولم يذكر عنه سواه . وأما في جامع البيان فإنه نص على أنه قرأه بين بين على ابن خاقان ، وكذلك على أبي الفتح فارس بن أحمد وقرأه بالفتح على أبي الحسن بن غلبون ( قلت ) : والفتح فيه هو طريق أبيه أبي الطيب واختياره ، وبه قطع صاحب الهداية والهادي ، والتلخيص ، وغيرهم ، وقال مكي في التبصرة : مذهب أبي الطيب الفتح ، وغيره بين اللفظين انتهى . وهو يقتضي الوجهين جميعا ، وبهما قطع في الشاطبية ، وكلاهما صحيح - والله أعلم - .

                                                          وأما حمارك ، الحمار فاختلف فيهما عن الأخفش عن ابن ذكوان فرواه عنه الجمهور من طريق ابن الأخرم بالإمالة ، ورواه آخرون من طريق النقاش وبالفتح قطع صاحب الهادي ، والهداية ، والتبصرة ، والكافي ، وتلخيص العبارات والتذكرة ، وغيرهم ، وبه قرأ الداني على أبي الحسن بن غلبون يعني من طريق ابن الأخرم وبالإمالة قطع لابن ذكوان بكماله صاحب المبهج ، وصاحب التجريد ، من قراءته على الفارسي ، وصاحب التيسير ، وقال : إنه قرأ به على عبد العزيز بن جعفر ، وهو طريق التيسير وعلى أبي الفتح فارس ، وهي رواية صاحب العنوان عنه بفتح حمارك ، وإمالة الحمار ، ولم أعلم أحدا فرق بينهما غيره والباقون فيهما على أصولهم - والله أعلم - .

                                                          وأما الغار فاختلف فيه عن الدوري عن الكسائي فرواه عنه جعفر بن محمد النصيبي بالإمالة على أصله ، ورواه عنه أبو عثمان الضرير بالفتح فخالف أصله فيه خاصة ، وانفرد أبو علي العطار عن أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري عن ابن بويان عن أبي نشيط عن قالون بإمالته بين بين ، وكذلك انفرد صاحب التجريد به عن عبد الباقي بن فارس عن أبيه عن السامري عن الحلواني عنه ، وانفرد أيضا من قراءته على عبد الباقي المذكور في رواية خلاد

                                                          [ ص: 57 ] فيه خاصة بذلك ، وقد وافق في ذلك صاحب العنوان لو لم يخصص ، وانفرد أبو الكرم عن ابن خشنام عن روح بإمالته فخالف فيه سائر الرواة عن روحوالباقون فيه على أصولهم ، وأما هار ، وقد كانت راؤه لاما فجعلت عينا بالقلب ، وذلك أن أصله : هاير ، أو هاور ، من هار يهير ، أو يهور ، وهو الأكثر ، فقدمت اللام إلى موضع العين وأخرت العين إلى موضع اللام ثم فعل به ما فعل في قاضي فالراء حينئذ ليست بطرف ولكنها بالنظر إلى صورة الكلمة طرف ، وكذا إلى لفظها الآن فهي بعد الألف متطرفة فلذلك ذكرت هنا وعلى تقدير الأصل ليست كذلك بل بينهما حرف مقدر فهو من هذا الوجه يشبه كافرا ، وقد اتفق على إمالته أبو عمرو والكسائي ، وأبو بكر ، واختلف عن قالون ، وابن ذكوان . فأما قالون ، فروى عنه الفتح أبو الحسن بن ذؤابة القزاز ، وبه قرأ الداني على أبي الحسن بن غلبون ، وهو الذي عليه العراقيون قاطبة من طريق أبي نشيط ، ورواه أبو العز ، وأبو العلاء الحافظ ، وأبو بكر بن مهران ، وغيرهم عن قالون من طريقيه ، وروى عنه الإمالة أبو الحسين بن بويان ، وبه قرأ الداني على أبي الفتح فارس ، وهو الذي لم تذكر المغاربة قاطبة عن قالون سواه ، وقطع به الداني للحلواني في جامعه ، وكذلك صاحب التجريد والمبهج ، وغيرهم ، وكلاهما صحيح عن قالون من الطريقين ، نص عليهما جميعا أبو عمرو الحافظ في مفرداته - والله أعلم - .

                                                          وأما ابن ذكوان ، فروى عنه الفتح الأخفش من طريق النقاش ، وغيره ، وهو الذي قرأ به الداني على عبد العزيز بن جعفر ، وعليه العراقيون قاطبة من الطريق المذكورة ، وروى عنه الإمالة من طريق أبي الحسن بن الأخرم ، وهي طريق الصوري عن ابن ذكوان ، وبذلك قطع لابن ذكوان صاحب المبهج ، وابن مهران ، وصاحب التجريد ، والعنوان ، وابن شريح ومكي ، وابن سفيان ، وابن بليمة والجمهور ونص على الوجهين في جامع البيان أبو القاسم الشاطبي ، وهو ظاهر التيسير ، وأماله الأزرق عن ورش بين بين وفتحه الباقون . وانفرد صاحب التجريد بفتحه عن أبي الحارث من قراءته على

                                                          [ ص: 58 ] عبد الباقي ، وانفرد أيضا بإمالته عن خلف عن حمزة من قراءته على الفارسي ، وانفرد سبط الخياط في المبهج بوجهي الفتح والإمالة عن حمزة بكماله ، وانفرد أيضا في كفايته بإمالته عن خلف في اختياره يعني من رواية إدريس ، ولم يذكره سواه - والله أعلم - .

                                                          ، وأما البوار القهار فاختلف فيهما عن حمزة ، فروى فتحهما له من روايتيه العراقيون قاطبة ، وهو الذي في الإرشادين والغايتين والمستنير ، والجامع والتذكار والمبهج والتجريد ، والكامل ، وغيرها . ورواهما بين بين المغاربة عن آخرهم ، وهو الذي في التيسير والكافي ، والهادي ، والتبصرة ، والهداية ، والتلخيص ، وتلخيص العبارات ، والشاطبية ، وغيرها . وانفرد أبو معشر الطبري عن حمزة في روايتيه بإمالتهما محضا ، وكذا أبو علي العطار عن أصحابه عن ابن مقسم عن إدريس عن خلف عنه - والله أعلم - .

                                                          والباقون على أصولهم المذكورة في هذا الباب والله الموفق ، وأما جبارين فاختص بإمالته الكسائي من رواية الدوري ، وانفرد النهرواني عن ابن فرح عن الدوري عن أبي عمرو بإمالته لم يروه غيره .

                                                          واختلف فيه عن الأزرق فرواه عنه بين بين أبو عبد الله بن شريح في كافيه ، وأبو عمرو الداني في مفرداته ، وهو الذي في التذكرة والتبصرة ، والكافي ، والهداية ، والهادي ، والتجريد ، والعنوان ، وتلخيص العبارات ، وغيرها . وذكر الوجهين جميعا أبو القاسم الشاطبي ، وبهما قرأت وآخذ والباقون بالفتح وبالله التوفيق ، وأما أنصاري فاختص بإمالته الدوري عن الكسائي ، وانفرد بذلك زيد عن الصوري وفتحه الباقون والراء فيه ، وفي جبارين ليست مجرورة بل مكسورة في موضع رفع في أنصاري ، وفي موضع نصب في جبارين ولكونها متطرفة ذكرت في هذا الباب - والله أعلم - .

                                                          فأما ما وقعت فيه الراء مكررة من هذا الباب نحو الأبرار ، الأشرار ، قرار فأماله أبو عمرو والكسائي ، وخلف ، ورواه ورش من طريق الأزرق بين بين . واختلف فيه عن حمزة ، وابن ذكوان . فأما حمزة ، فروى جماعة من أهل الأداء الإمالة عنه من روايتيه ، وهو

                                                          [ ص: 59 ] الذي في المبهج ، والعنوان ، وتلخيص أبي معشر والتجريد ، من قراءته على عبد الباقي ، وبه قرأ الحافظ أبو عمرو على شيخه أبي الفتح فارس بن أحمد في الروايتين جميعا ، ولم يذكره في التيسير ، وهو مما خرج خلف فيه عن طرقه ، وذكره في جامع البيان ، ورواه جمهور العراقيين عنه من رواية خلف ، وقطعوا لخلاد بالفتح كأبي العز ، وابن سوار ، والهذلي والهمداني ، وابن مهران ، وأبي الحسن بن فارس ، وأبي علي البغدادي ، وأبي القاسم بن الفحام من قراءته على الفارسي ، وروى جمهور المغاربة والمصريين عن حمزة من روايتيه بين بين ، وهو الذي في التيسير ، والشاطبية ، والهداية ، والتبصرة ، والكافي ، وتلخيص العبارات والهادي ، والتذكرة ، وغيرها . وبه قرأ الداني على شيخه أبي الحسن . وأما ابن ذكوان ، فروى عنه الإمالة الصوري ، وروى عنه الفتح الأخفش ، وانفرد صاحب العنوان عنه بين بين فخالف سائر الرواة ، وكذلك انفرد به عن أبي الحارث ولكنه لم يكن من طرقنا ، ولا من شرطنا ، وانفرد به أيضا صاحب المبهج عن قالون من جميع طرقه ، وهو في العنوان من طريق إسماعيل عنه - والله أعلم - .

                                                          وقرأ الباقون بفتح ذلك كله ، وانفرد صاحب المبهج عن الداجوني عن ابن مامويه عن هشام بالإمالة أيضا ، وانفرد أبو علي العطار عن النهرواني في رواية ابن وردان عن أبي جعفر فيما قرأ به على ابن سوار بإمالته أيضا فخالف فيه سائر الرواة - والله أعلم - .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية