الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن زياد بن أبي زياد عن طلحة بن عبيد الله بن كريز أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          498 501 - ( مالك ، عن زياد بن أبي زياد ) ميسرة المخزومي ، مولاهم المدني الثقة العابد ، قال مالك : كان يلبس الصوف ، ويكون وحده ولا يجالس أحدا : لمالك عنه مرفوعا هذا الحديث الواحد ، رواه هنا وفي الحج ، ونسبه فزاد مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي ( عن طلحة بن عبيد الله ) بضم العين ( بن كريز ) بفتح الكاف وكسر الراء وإسكان التحتية وزاي [ ص: 51 ] منقوطة ، الخزاعي أبي المطرف المدني ، وثقه أحمد والنسائي ، وروى له مسلم وأصحاب السنن ، وهو تابعي ، قال الولي العراقي : ووهم من ظنه أحد العشرة ، قال ابن عبد البر : لا خلاف عن مالك في إرساله ، ولا أحفظه بهذا الإسناد مسندا من وجه يحتج به ، وقد جاء مسندا من حديث علي وابن عمرو ، والفضائل لا تحتاج إلى من يحتج به ، ثم أخرج حديث علي من طريق ابن أبي شيبة ، وجاء أيضا من حديث أبي هريرة أخرجه هو وحديث ابن عمرو البيهقي في الشعب ( أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : أفضل الدعاء ) مبتدأ خبره ( دعاء يوم عرفة ) قال الباجي : أي أعظمه ثوابا وأقربه إجابة ، ويحتمل أن يريد به اليوم ، ويحتمل أن يريد الحاج خاصة ( وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي ) ولفظ حديث علي : أكثر دعائي ودعاء الأنبياء قبلي بعرفة ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ) زاد في حديث أبي هريرة : " له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير " . وكذا في حديث علي لكن ليس فيه بيده الخير .

                                                                                                          وفي حديث ابن عمرو ولكن ليس فيه يحيي ويميت ، وفيه بيده الخير . قال ابن عبد البر : فيه أن الثناء دعاء ، وفي المرفوع يقول الله عز وجل : " من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين " . وفيه تفضيل الدعاء بعضه على بعض ، والأيام بعضها على بعض ، وأن ذلك أفضل الذكر ; لأنها كلمة الإسلام والتقوى .

                                                                                                          وقال آخرون : أفضله الحمد لله رب العالمين ; لأن فيه معنى الشكر ، وفيه من الإخلاص ما في لا إله إلا الله ، وافتتح الله كلامه به وختم به ، وهو آخر دعوى أهل الجنة .

                                                                                                          وروت كل فرقة بما قالت أحاديث كثيرة ، وساق جملة منها في التمهيد ، ووقع في تجريد الصحاح لرزين بن معاوية الأندلسي زيادة في أول هذا الحديث ، وهي أفضل الأيام يوم عرفة وافق يوم جمعة وهو أفضل من سبعين حجة يوم الجمعة ، وأفضل الدعاء . . . إلخ . وتعقبه الحافظ فقال : حديث لا أعرف حاله ; لأنه لم يذكر صحابيه ولا من خرجه ، بل أدرجه في حديث الموطأ هذا ، وليست هذه الزيادة في شيء من الموطآت ، فإن كان له أصل احتمل أن يراد بالسبعين التحديد أو المبالغة في الكثرة ، وعلى كل حال منهما ثبتت المزية ، انتهى .

                                                                                                          وفي الهدي لابن القيم ما استفاض على ألسنة العوام أن وقفة الجمعة تعدل اثنتين وسبعين حجة ، فباطل لا أصل له عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أحد من الصحابة والتابعين ، انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية