الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لولا أن أشق على أمتي لأحببت أن لا أتخلف عن سرية تخرج في سبيل الله ولكني لا أجد ما أحملهم عليه ولا يجدون ما يتحملون عليه فيخرجون ويشق عليهم أن يتخلفوا بعدي فوددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل ثم أحيا فأقتل ثم أحيا فأقتل

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1012 995 [ ص: 66 ] - ( مالك عن يحيى بن سعيد ) بن قيس الأنصاري ( عن أبي صالح ) ذكوان ( السمان عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لولا أن أشق على أمتي ) بعدم طيب نفوسهم بالتخلف عني ولا قدرة لهم على آلة السفر ولا لي ما أحملهم عليه ، فالاستدراك الآتي مفسر للمراد بالمشقة كرواية الصحيحين عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة : " والذي نفسي بيده لولا أن رجالا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عني ولا أجد ما أحملهم عليه ( لأحببت أن لا أتخلف عن سرية ) قطعة من الجيش تبعث إلى العدو ( تخرج في سبيل الله ) الجهاد ( ولكني لا أجد ما أحملهم عليه ) وفي رواية للبخاري : " ولكن لا أجد حمولة ولا أجد ما أحملهم عليه " والحمولة ، بالفتح : الإبل الكبار التي يحمل عليها ( ولا يجدون ما يتحملون عليه فيخرجون ) معي لعجزهم عن آلة السفر من مركوب وغيره .

                                                                                                          وفي مسلم عن همام عن أبي هريرة : " لكن لا أجد سعة فأحملهم ولا يجدون سعة فيتبعوني " ( ويشق عليهم أن يتخلفوا بعدي ) وفي رواية للبخاري " ويشق علي أن يتخلفوا عني " وللطبراني : " ويشق علي وعليهم " ( فوددت ) بكسر الدال الأولى وسكون الثانية : تمنيت ، وسبق من رواية الأعرج : " والذي نفسي بيده لوددت " ( أني أقاتل في سبيل الله فأقتل ثم أحيا فأقتل ثم أحيا فأقتل ) بالبناء للمفعول في الجميع ، وتمنى ذلك حرصا منه على الوصول إلى أعلى درجات الشاكرين بذلا لنفسه في مرضات ربه وإعلاء كلمته ورغبة في الازدياد من الثواب ولتتأسى به أمته .

                                                                                                          قال الحافظ : حكمه : إيراد هذه عقب تلك إرادة تسلية الخارجين في الجهاد عن مرافقته لهم فكأنه قال : الوجه الذي تسيرون له فيه من الفضل ما أتمنى لأجله أن أقتل مرات ، فمهما فاتكم من مرافقتي والقعود معي من الفضل يحصل لكم مثله أو فوقه من فضل الجهاد فراعى خواطر الجميع .

                                                                                                          وقد خرج - صلى الله عليه وسلم - في بعض المغازي وخلف عنه المشار إليهم وكان ذلك حيث رجحت مصلحة خروجه على مراعاة حالهم ، وفيه بيان شدة شفقته - صلى الله عليه وسلم - على أمته ورأفته بهم والحض على حسن النية ، وجواز ترك بعض المصالح لمصلحة راجحة أو أرجح ، أو لدفع مفسدة والسعي في إزالة المكروه عن المسلمين .




                                                                                                          الخدمات العلمية