الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن نافع وعبد الله بن دينار وزيد بن أسلم كلهم يخبره عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا ينظر الله يوم القيامة إلى من يجر ثوبه خيلاء

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1698 1648 - ( مالك عن نافع وعبد الله بن دينار ) وكلاهما مولى ابن عمر ( وزيد بن أسلم ) ابن مولى أبيه ( كلهم يخبره ) أي الثلاثة يخبرون مالكا ( عن عبد الله بن عمر ) رضي الله عنهما ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا ينظر الله ) نظر رحمة ( يوم القيامة إلى من يجر ثوبه خيلاء ) بضم الخاء وقد قيل بكسرها حكاه القرطبي ، أي : عجبا وتكبرا في غير حالة القتال كما في حديث آخر .

                                                                                                          وفي الصحيح من طريق سالم عن أبيه زيادة : " فقال أبو بكر : يا [ ص: 431 ] رسول الله إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده ، فقال : إنك لست ممن يفعله خيلاء " وكذا إذا كان سببه الإسراع في المشي لا يدخل في الوعيد لما في الصحيح عن أبي بكرة نفيع : " خسفت الشمس ونحن عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام يجر ثوبه حتى أتى المسجد فصلى بهم ركعتين فجلي عنها " ولفظ ثوبه شامل لكل ما يلبس حتى العمامة .

                                                                                                          وقد روى أبو داود والنسائي وابن ماجه عن سالم عن أبيه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الإسبال في الإزار والقميص والعمامة من جر منها شيئا خيلاء " الحديث ، فبين في هذه الرواية أن الحكم ليس خاصا بالإزار ، وإن جاء في أكثر طرق الأحاديث بلفظ الإزار فإنما هو لكونه أكثر لباسهم حينئذ كما مر ، لكن في تصوير جر العمامة نظر إذ لا يتأتى جرها على الأرض كالقميص والإزار إلا أن يكون المراد ما جرت به عادة العرب من إرخاء العذبات ; لأن جر كل شيء بحسبه ، فمهما زاد على العادة في ذلك كان من الإسبال ، وهل يدخل في الزجر عن جر الثوب تطويل أكمام القميص ، ونحوه محل نظر ، قال الحافظ : والذي يظهر أن من أطالها حتى خرج عن العادة كما يفعله بعض الحجازيين ، وقال شيخه الزين العراقي : ما مس الأرض منها لا شك في تحريمه ، بل لو قيل بتحريم ما زاد على المعتاد لم يبعد .

                                                                                                          وقال ابن القيم : هذه الأكمام الواسعة الطوال التي هي كالأخراج وعمائم كالأبراج لم يلبسها صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه ، وهي مخالفة لسننه وفي جوازها نظر لأنها من جنس الخيلاء .

                                                                                                          وفي المدخل : لا يخفى على ذي بصيرة أن كم بعض من ينسب إلى العلم اليوم - فيه إضاعة المال ، المنهي عنها ؛ لأنه قد يفضل عن ذلك الكم ثوب لغيره . انتهى وهو حسن .

                                                                                                          قال في المواهب : لكن حدث للناس اصطلاح بتطويلها وصار لكل نوع من الناس شعار يعرفون به ، ومهما كان من ذلك على سبيل الخيلاء فلا شك في تحريمه ، وما كان على طريق العادة فلا تحريم فيه ما لم يصل إلى جر الذيل الممنوع منه .

                                                                                                          ونقل القاضي عياض عن العلماء كراهة كل ما زاد على العادة للناس ، وعلى المعتاد في اللباس لمثل لابسه في الطول والسعة انتهى .

                                                                                                          وعموم الحديث يشمل النساء لكنه مخصوص بغيرهن لحديث أم سلمة الآتي .

                                                                                                          وقد زاده الترمذي وصححه النسائي متصلا بهذا الحديث من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر فقالت أم سلمة : فكيف تصنع النساء بذيولهن ؟ الحديث .

                                                                                                          وأخرجه البخاري حديث الباب عن إسماعيل ، ومسلم عن يحيى ، كلاهما عن مالك به وتابعه جماعة في مسلم وغيره .




                                                                                                          الخدمات العلمية