الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك عن عبادة بن نسي عن قيس بن الحارث عن أبي عبد الله الصنابحي قال قدمت المدينة في خلافة أبي بكر الصديق فصليت وراءه المغرب فقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة سورة من قصار المفصل ثم قام في الثالثة فدنوت منه حتى إن ثيابي لتكاد أن تمس ثيابه فسمعته قرأ بأم القرآن وبهذه الآية ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          174 172 - ( مالك عن أبي عبيد ) بضم العين مصغر المذحجي ، قيل اسمه عبد الملك ، وقيل حي ، وقيل حيي ، وقيل حوي بضم المهملة ، وفتح الواو بعدها تحتية ثقيلة ، ثقة روى له مسلم وأبو داود والنسائي وعلق له البخاري .

                                                                                                          ( مولى سليمان بن عبد الملك ) بن مروان أحد ملوك بني أمية وحاجبه .

                                                                                                          ( عن عبادة ) بضم العين والتخفيف وهاء آخره ( ابن نسي ) بضم النون ، وفتح المهملة الخفيفة ، الكندي الشامي ، قاضي طبرية ، ثقة فاضل تابعي مات سنة ثماني عشرة ومائة .

                                                                                                          ( عن قيس بن الحارث ) الكندي الحمصي ثقة من التابعين .

                                                                                                          ( عن أبي عبد الله الصنابحي ) بضم الصاد المهملة ، وفتح النون فألف ، فموحدة فمهملة ، اسمه عبد الرحمن بن عسيلة بمهملتين مصغر المرادي ، ثقة من كبار التابعين ، قدم المدينة بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - بخمسة [ ص: 306 ] أيام ، ومات في خلافة عبد الملك .

                                                                                                          ( قال : قدمت المدينة في خلافة أبي بكر الصديق ، فصليت وراءه المغرب فقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة سورة من قصار المفصل ) وهل أوله الصافات أو الجاثية أو الفتح أو الحجرات أو قاف أو الصف أو تبارك أو سبح أو الضحى إلى آخر القرآن ، أقوال أكثرها مستغرب ، والراجح عند المالكية والشافعية الحجرات ، ونقل المحب الطبري قولا شاذا أن المفصل جميع القرآن .

                                                                                                          ( ثم قام في الثالثة فدنوت منه حتى إن ثيابي لتكاد أن تمس ثيابه فسمعته قرأ بأم القرآن وبهذه الآية ربنا لا تزغ قلوبنا ) ( سورة آل عمران : الآية 8 ) تملها عن الحق بابتغاء تأويله الذي لا يليق بنا ، كما زاغت قلوب أولئك ، ( بعد إذ هديتنا ) أرشدتنا إليه ، ( وهب لنا من لدنك ) من عندك ، ( رحمة ) تثبيتا ( إنك أنت الوهاب ) ، قال الباجي : قراءته في الثالثة هذه الآية ضرب من القنوت والدعاء ، لما كان فيه من أهل الردة ، وأجاز جماعة من العلماء القنوت في المغرب ، وكل صلاة ، ومنهم من لا يراه أصلا .

                                                                                                          وقال ابن عبد البر : قراءة النبي في المغرب بالطور والمرسلات وفي العشاء بالتين والزيتون ، وقراءة أبي بكر بما ذكر ، كل ذلك من المباح يقرأ بما شاء مع أم القرآن ما لم يكن إماما فلا يطول على من خلفه ، وتخفيفه - صلى الله عليه وسلم - مرة وربما طول يدل على أن لا توقيت في القراءة بعد الفاتحة وهذا إجماع ، وقد قال : " من أم بالناس فليخفف " ولم يحد شيئا ، وأجمعوا على أن لا صلاة إلا بقراءة ، وكان الشافعي يقول ببغداد : تسقط القراءة عمن نسي فإن النسيان موضوع ، ثم رجع عن ذلك بمصر ، وأظنه كانت دخلت عليه الشبهة بما روي أن عمر صلى المغرب فلم يقرأ ، فذكر له ذلك فقال : كيف كان الركوع والسجود ؟ قيل : حسن ، قال : لا بأس إذا .

                                                                                                          وهذا حديث منكر ، كان مالك ذكره في الموطأ مرسلا ، ثم رماه من كتابه ، وصح أن عمر أعاد تلك الصلاة بإقامة ، وقال : لا صلاة إلا بقراءة .

                                                                                                          وروى أشهب عن مالك أنه أنكر أن يكون عمر فعله ، وقال : يرى الناس عمر يفعل هذا في المغرب فلا يسبحون له ولا يخبرونه .




                                                                                                          الخدمات العلمية