الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
حديث أول لعمرو بن يحيى متصل صحيح

مالك ، عن عمرو بن يحيى المازني ، عن أبيه أنه قال لعبد الله بن زيد بن عاصم وهو جد عمرو بن يحيى وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ؟ فقال عبد الله بن زيد نعم فدعا بوضوء فأفرغ على يديه فغسل يديه مرتين مرتين ثم تمضمض واستنثر ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاثا ثم [ ص: 114 ] غسل يديه مرتين مرتين إلى المرفقين ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدءا بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه ثم غسل رجليه

التالي السابق


لم يختلف على مالك في إسناد هذا الحديث ولا في لفظه إلا أن ابن وهب رواه في موطئه ، عن مالك ، عن عمرو بن يحيى بن عمارة المازني ، عن أبيه ، عن عبد الله بن زيد بن عاصم المازني ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر معنى ما في الموطأ مختصرا ولم يقل وهو جد عمرو بن يحيى وذكره سحنون في المدونة ، عن مالك ، عن عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازني ، عن أبيه يحيى أنه سمع جده أبا حسن يسأل عبد الله بن زيد بن عاصم ولم يقل وهو جد عمرو بن يحيى ولا ذكر عمن رواه ، عن مالك وقال أحمد بن خالد لا نعرف هذه الرواية ، عن مالك إلا أن تكون لعلي بن زياد وليس هذا الحديث في نسخة القعنبي فإما أسقطه وإما سقط له ولم يقل أحد من رواة هذا الحديث في عبد الله بن زيد بن عاصم وهو جد عمرو بن يحيى إلا مالك وحده ولم يتابعه عليه أحد فإن كان جده فعسى أن يكون جده لأمه

وممن رواه ، عن عمرو بن يحيى سليمان بن بلال ووهب وابن عيينة وخالد الواسطي وعبد العزيز بن أبي سلمة وغيرهم لم يقل فيه أحد منهم وهو جد عمرو بن يحيى وقد نسبنا عمرو بن يحيى بما لا اختلاف فيه

وذكر ابن سنجر ، حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان بن بلال حدثنا عمرو بن يحيى المازني ، عن أبيه قال كان عمي يكثر من الوضوء فقال لعبد الله بن زيد أخبرني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فدعا بتور من ماء وذكر معنى حديث مالك

[ ص: 115 ] قال ابن سنجر وحدثنا موسى بن إسماعيل ، قال حدثنا وهب ، قال حدثنا عمرو بن يحيى ، عن أبيه قال شهدت عمي ابن أبي حسن سأل عبد الله بن زيد عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فدعا بتور من ماء فتوضأ لهم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكفأ على يديه من التور فغسل يديه ثلاثا ثم أدخل يده في التور فتمضمض واستنثر من ثلاث غرفات ثم أدخل يده فغسل وجهه ثلاث مرات ثم أدخل يده فغسل يديه مرتين مرتين إلى المرفقين ثم ذكر مثل حديث مالك ورواه ابن عيينة ، عن عمرو بن يحيى فأخطأ فيه في موضعين أحدهما أنه قال فيه ، عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه وهذا خطأ وإنما هو عبد الله بن زيد بن عاصم وقد نسبناهما في كتاب الصحابة وأوضحنا أمرهما وأما عبد الله بن زيد بن عبد ربه فهو الذي أري الأذان في النوم وليس هو الذي يروي عنه يحيى بن عمارة هذا الحديث في الوضوء وغيره وعبد الله بن زيد بن عاصم هو عم عباد بن تميم وهو أكثر رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم من عبد الله بن زيد بن عبد ربه وقد كان أحمد بن زهير يزعم أن إسماعيل بن إسحاق وهم فيهما فجعلهما واحدا فيما حكى قاسم بن أصبغ عنه والغلط لا يسلم منه أحد إذا كان ابن عيينة مع جلالته يغلط في ذلك فإسماعيل بن إسحاق أين يقع من ابن عيينة ؟ إلا أن المتأخرين أوسع علما وأقل عذرا

أما الموضع الثاني الذي وهم ابن عيينة فيه في هذا الحديث فإنه ذكر فيه مسح الرأس مرتين ولم يذكر فيه أحد " مرتين " غير ابن عيينة وأظنه - والله أعلم - تأول الحديث قوله فمسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر وما ذكرناه عن ابن [ ص: 116 ] عيينة فمن رواية مسدد ومحمد بن منصور وأبي بكر بن أبي شيبة كلهم ذكر فيه عن ابن عيينة ما حكينا عنه وأما الحميدي فإنه ميز ذلك فلم يذكره أو حفظ عن ابن عيينة أنه رجع عنه فذكر فيه عن ابن عيينة ومسح رأسه وغسل رجليه فلم يصف المسح ولا قال مرتين وقال في الإسناد ، عن عبد الله بن زيد - لم يزد لم يقل ابن عاصم ولا ابن عبد ربه فتخلص

وروى عبد العزيز بن أبي سلمة قال أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجنا له ماء في تور من صفر فتوضأ فغسل وجهه ثلاثا ويديه مرتين مرتين ومسح برأسه فأقبل به وأدبر وغسل رجليه فزاد عبد العزيز بن أبي سلمة فيه ذكر تور الصفر

ورواه خالد بن عبد الله الواسطي ، عن عمرو بن يحيى المازني ، عن أبيه ، عن عبد الله بن زيد بن عاصم فذكره وقال فيه فمضمض واستنشق من كف واحدة ففعل ذلك ثلاث مرات ثم ذكر معنى حديث مالك

ورواه ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث أن حبان حدثه أن أباه حدثه أنه سمع عبد الله بن زيد بن عاصم المازني يذكر أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر وضوءه قال تمضمض واستنثر ثم غسل وجهه ثلاثا ويده اليمنى ثلاثا والأخرى ثلاثا ومسح برأسه بماء غير فضل يديه وغسل رجليه حتى أنقاهما

تركنا ذكر الأسانيد بيننا وبين هؤلاء للاختصار وكذلك اختصرنا المتون إلا موضع الاختلاف المولد للحكم والزائد في الفقه وبالله التوفيق

[ ص: 117 ] وأما ما في هذا الحديث من المعاني فأول ذلك غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء مرتين وقد مضى القول في غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء وما للعلماء في ذلك من الاستحباب والإيجاب وما للرواة فيه من ذكر مرتين أو ثلاثا - مستوعبا ممهدا في باب أبي الزناد والحمد لله

وأما قوله ثم مضمض واستنثر ثلاثا فالثلاث في ذلك وفي سائر أعضاء الوضوء أكمل الوضوء وأتمه وما زاد فهو اعتداء ما لم تكن الزيادة لتمام نقصان وهذا ما لا خلاف فيه والمضمضة معروفة وهي أخذ الماء بالفم من اليد وتحريكه في الفم هي المضمضة وليس إدخال الإصبع ودلك الأسنان بها من المضمضة في شيء فمن شاء فعل ومن شاء لم يفعل وقد مضى ما للعلماء في المضمضة من الأقوال في الإيجاب والاستحباب والاعتلال لذلك بما فيه كفاية وبيان في باب زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار عن الصنابحي ومضى هناك أيضا القول في الاستنشاق والاستنثار وما للعلماء في ذلك من المذاهب والاختيار وزدنا ذلك بيانا في باب أبي الزناد والحمد لله

وأما غسل الوجه ثلاثا فهو الكمال والغسلة الواحدة إذا عمت تجزئ في الوضوء بإجماع العلماء ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثا ثلاثا وهذا أكثر ما فعل من ذلك صلى الله عليه وسلم وتلقت الجماعة ذلك من فعله على الإباحة والتخيير وطلب الفضل في الثنتين والثلاث لا على أن شيئا من ذلك نسخ لغيره [ ص: 118 ] منه فقف على إجماعهم فيه والوجه مأخوذ من المواجهة وهو من منابت شعر الرأس إلى العارض والذقن والأذنين وما أقبل من اللحيتين

وقد اختلف في البياض الذي بين الأذن والعارض في الوضوء فروى ابن وهب ، عن مالك قال ليس ما خلف الصدغ الذي من وراء شعر اللحية إلى الأذن من الوجه

وقال الشافعي يغسل المتوضئ وجهه من منابت شعر رأسه إلى أصول أذنيه ومنتهى اللحية إلى ما أقبل من وجهه وذقنه فإن كان أمرد غسل بشرة وجهه كلها وإن نبتت لحيته وعارضاه أفاض على لحيته وعارضيه وإن لم يصل الماء إلى بشرة وجهه التي تحت الشعر أجزأه إذا كان شعره كثيرا

قال أبو عمر

قد أجمعوا أن المتيمم ليس عليه أن يمسح ما تحت شعر عارضيه فقضى إجماعهم في ذلك على مراد الله منه ; لأن الله أمر المتيمم بمسح وجهه كما أمر المتوضئ بغسله وهذا الذي ذكرت لك عليه جماعة العلماء وقال أحمد بن حنبل غسل الوجه من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن وإلى أصول الأذنين ويتعاهد المفصل ما بين اللحيين والأذن

وقال أبو حنيفة البياض الذي بين العذار وبين الأذن من الوجه غسله واجب

قال أبو عمر

لا أعلم أحدا من فقهاء الأمصار قال بما رواه ابن وهب ، عن مالك في ذلك ولقد قال بعض أهل المدينة وبعض أهل العراق ما أقبل من الأذنين فمن [ ص: 119 ] الوجه وما أدبر منهما فمن الرأس فما دون الأذنين إلى الوجه أحرى بذلك وقد ذكرنا حكم الأذنين عند العلماء في باب زيد بن أسلم والحمد لله

حدثنا محمد بن عبد الله بن حكم - قراءة مني عليه - أن محمد بن معاوية بن عبد الرحمن حدثهم ، قال حدثنا الفضل بن الحباب القاضي بالبصرة ، قال حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، قال حدثنا قيس بن الربيع ، عن جابر ، عن هرمز قال سمعت عليا رضي الله عنه يقول يبلغ بالوضوء مقاص الشعر

واختلف العلماء في تخليل اللحية والذقن فذهب مالك والشافعي والثوري والأوزاعي إلى أن تخليل اللحية ليس بواجب في الوضوء وقال مالك وأصحابه وطائفة من أهل المدينة ولا في غسل الجنابة لا يجب تخليل اللحية أيضا

وقال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما والثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو ثور وداود والطبري وأكثر أهل العلم تخليل اللحية في غسل الجنابة واجب ولا يجب ذلك عندهم في الوضوء وأظنهم فرقوا بين ذلك - والله أعلم - لقوله صلى الله عليه وسلم تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعر وأنقوا البشرة وأظن مالكا ومن قال بقوله ذهبوا إلى أن الشعر لا يمنع وصول الماء لرقة الماء وتوصله إلى البشرة من غير تخليل إذا كان هناك تحريك والله أعلم

وقد ذكر ابن عبد الحكم ، عن مالك قال ويحرك اللحية في الوضوء إن كانت كبيرة ولا يخللها وأما في الغسل فليحركها وإن صغرت وتخليلها أحب إلينا وذكر ابن القاسم ، عن مالك قال يحرك المتوضئ ظاهر لحيته من غير أن يدخل يده فيها قال وهي مثل أصابع الرجل يعني أنها لا تخلل

[ ص: 120 ] وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم تخليل اللحية واجب في الوضوء والغسل وأخبرنا خلف بن القاسم ، قال حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد المؤمن ، قال حدثنا المفضل بن محمد ، قال حدثنا علي بن زياد ، قال حدثنا أبو قرة قال سمعت مالكا يذكر تخليل اللحية فيقول يكفيها ما يمسها من الماء مع غسل الوجه ويحتج في ذلك بحديثه ، عن عبد الله بن زيد ، عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراه الرجل الذي سأله عنه لم يذكر فيه تخليل اللحية وكان الأوزاعي يقول ليس تحريك العارضين وتخليل اللحية بواجب

قال أبو عمر روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خلل لحيته في وضوئه من وجوه كلها كمال وأما الصحابة والتابعون فروي عن جماعة منهم تخليل اللحية وأكثرهم لم يفرقوا بين الوضوء والجنابة وروي عن جماعة منهم الرخصة في ترك تخليل اللحية وإيجاب غسل ما تحت اللحية إيجاب فرض والفرائض لا تثبت إلا بيقين لا اختلاف فيه ومن احتاط وأخذ بالأوثق فهو أولى ( به ) في خاصته وأما الفتوى بإيجاب الإعادة فما ينبغي أن يكون إلا عن يقين وبالله التوفيق

وذكر ابن خويز منداد أن الفقهاء اتفقوا على أن تخليل اللحية ليس بواجب في الوضوء إلا شيء روي عن سعيد بن جبير قال أبو عمر الذي روي عن سعيد بن جبير قوله ما بال الرجل يغسل لحيته قبل أن تنبت فإذا نبتت لم يغسلها ؟ وما بال الأمرد يغسل ذقنه ولا يغسله ذو اللحية ؟

[ ص: 121 ] وقال الطحاوي : التيمم واجب فيه مسح البشرة قبل نبات اللحية . ثم سقط بعدها عند جميعهم فكذلك الوضوء وقال سحنون عن ابن القاسم سمعت مالكا يسأل هل سمعت بعض أهل العلم يقول إن اللحية من الوجه فليمر عليها الماء ؟ قال مالك وتخليلها في الوضوء ليس من أمر الناس وعاب ذلك على من فعله قيل لسحنون أرأيت من غسل وجهه ولم يمر الماء على لحيته ؟ قال هو بمنزلة من لم يمسح رأسه وعليه الإعادة

واختلف قول الشافعي فيما ينسدل من شعر اللحية فقال مرة أحب إلي أن يمر الماء على ما سقط من اللحية عن الوجه فإن لم يفعل ففيها قولان قال يجزيه في أحدهما ولا يجزيه في الآخر

قال المزني يجزيه أشبه بقوله ; لأنه لا يجعل ما سقط - يعني ما انسدل - عن منابت شعر الرأس من الرأس فكذلك يلزمه أن لا يجعل ما سقط من منابت شعر الوجه من الوجه

قال أبو عمر من جعل غسل اللحية كلها واجبا جعلها وجها والله قد أمر بغسل الوجه أمرا مطلقا لم يخص صاحب لحية من أمرد فكل ما وقع عليه اسم وجه فواجب غسله ; لأن الوجه مأخوذ من المواجهة وغير ممتنع أن تسمى اللحية وجها فوجب غسلها بعموم الظاهر ; لأنها بدل من البشرة ومن لم يوجب غسل ما انسدل من اللحية ذهب إلى الأصل المأمور بغسله البشرة وإنما وجب غسل اللحية لأنها ظهرت فوق البشرة وصارت البشرة باطنا وصار الظاهر هو اللحية [ ص: 122 ] فصار غسلها بدلا من البشرة وما انسدل من اللحية ليس تحته ما يلزم غسله فيكون غسل اللحية بدلا منه كما أن جلد الرأس مأمور بمسحه فلما نبت عليه الشعر ناب مسح الشعر عن مسح الرأس لأنه ظاهر بدل من الرأس الباطن تحته وما انسدل من الرأس وسقط فليس تحته بشرة يلزم مسحها ومعلوم أن الرأس سمي رأسا لعلوه ونبات الشعر فيه وما سقط من شعره وانسدل فليس برأس فكذلك ما انسدل من اللحية فليس بوجه والله أعلم

ولأصحاب مالك أيضا في هذه المسألة قولان كأصحاب الشافعي سواء والله المستعان

وأما غسل اليدين فقد أجمعوا أن الأفضل أن يغسل اليمنى قبل اليسرى في الوضوء وأجمعوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك كان يتوضأ وكان صلى الله عليه وسلم يحب التيامن في أمره كله في وضوئه وانتعاله وغير ذلك من أمره وكذلك أجمعوا أن من غسل يسرى يديه قبل يمناه أنه لا إعادة عليه وروينا عن علي وابن مسعود أنهما قالا لا تبالي بأي يديك بدأت

وقال معن بن عيسى سألت عبد العزيز بن أبي سلمة عن إجالة الخاتم عند الوضوء فقال إن كان ضيقا فأجله وإن كان سلسا فأقره

وأما إدخال المرفقين في الغسل فعلى ذلك أكثر العلماء وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة وأصحابه إلا زفر فإنه اختلف عنه في ذلك فروي عنه أنه يجب غسل المرافق مع الذراعين وروي عنه أنه لا يجب ذلك وبه قال الطبري وبعض أصحاب داود وبعض المالكيين أيضا ومن أصحاب داود من قال بوجوب غسل المرفقين مع الذراعين فمن لم يوجب غسلهما حمل قوله عز وجل ( فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق ) على أن " إلى " هاهنا غاية وأن المرفقين غير داخلين في الغسل مع الذراعين كما لا يجب دخول الليل في الصيام لقوله عز [ ص: 123 ] وجل ( ثم أتموا الصيام إلى الليل ) ومن أوجب غسلهما جعل " إلى " في هذه الآية بمعنى الواو أو بمعنى " مع " كأنه قال فاغسلوا وجوهكم وأيديكم والمرافق أو مع المرافق و " إلى " بمعنى الواو وبمعنى " مع " معروف في كلام العرب كما قال عز وجل ( من أنصاري إلى الله ) أي مع الله وكما قال ( ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم ) أي مع أموالكم

وأنكر بعض أهل اللغة أن تكون " إلى " هاهنا بمعنى الواو أو بمعنى " مع " وقال لو كان كذلك لوجب غسل اليد كلها واليد عند العرب من أطراف الأصابع إلى الكتف وقال ولا يجوز أن تخرج " إلى " عن بابها ويذكر أنها بمعنى الغاية أبدا قال وجائز أن تكون " إلى " هاهنا بمعنى الغاية وتدخل المرافق مع ذلك في الغسل ; لأن الثاني إذا كان من الأول كان ما بعد " إلى " داخلا فيما قبله نحو قول الله عز وجل ( إلى المرافق ) فالمرافق داخلة في الغسل وإذا كان ما بعدها ليس من الأول فليس بداخل فيه نحو ( ثم أتموا الصيام إلى الليل )

قال أبو عمر

يقول إنه ليس الليل من النهار فلم يدخل الحد في المحدود وإنما يدخل الحد في المحدود إذا كان من جنسه والمرافق من جنس الأيدي والأذرع فوجب أن يدخل الحد منها في المحدود ; لأن هذا أصل حكم الحدود والمحدودات عند أهل الفهم والنظر والله أعلم

ومن غسل المرفقين مع الذراعين فقد أدى فرض طهارته وصلاته بيقين واليقين في أداء الفرائض واجب

وأما المسح بالرأس في الوضوء فقد أجمعوا أن من مسح برأسه كله فقد أحسن وفعل أكمل ما يلزمه وكلهم يقول [ ص: 124 ] بمسح الرأس مسحة واحدة موعبة كاملة لا يزيد عليها إلا الشافعي فإنه قال أكمل الوضوء أن يتوضأ ثلاثا ثلاثا كلها سابغة ويمسح برأسه ثلاثا

وروي مسح الرأس ثلاثا عن أنس وسعيد بن جبير وعطاء وغيرهم وكان ابن سيرين يقول بمسح رأسه مرتين وكان مالك يقول في مسح الرأس يبدأ بمقدم رأسه ثم يذهب بيديه إلى مؤخره ثم يردهما إلى مقدمه على حديث عبد الله بن زيد هذا وبحديث عبد الله بن زيد هذا يقول أيضا الشافعي وأحمد وكان الحسن بن حي يقول يبدأ بمؤخر الرأس وروي عن ابن عمر أنه كان يبدأ من وسط رأسه ولا يصح

وفي حديث عبد الله بن زيد بدأ بمقدم رأسه وهذا هو النص الذي ينبغي أن يمتثل ويحتمل عليه

وروى معاوية والمقدام بن معدي كرب عن النبي صلى الله عليه وسلم في مسح الرأس مثل رواية عبد الله بن زيد سواء وأما قوله في حديث عبد الله بن زيد ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر فقد توهم بعض الناس أنه بدأ بمؤخر رأسه لقوله فأقبل بهما ( وأدبر ) وتوهم غيره أنه بدأ من وسط رأسه فأقبل بيديه وأدبر وهذه كلها ظنون لا تصح وفي قوله بدأ بمقدم رأسه ما يدفع الإشكال لمن فهم وهو تفسير قوله فأقبل بهما وأدبر وتفسيره أنه كلام خرج على التقديم والتأخير كأنه قال فأدبر بهما وأقبل ; لأن الواو لا توجب الرتبة وإذ احتمل الكلام التأويل كان قوله بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه - تفسير ما أشكل من ذلك

أخبرنا عبد الله بن محمد ، قال حدثنا محمد بن بكر ، قال حدثنا أبو داود ، قال حدثنا محمود بن خالد ويعقوب بن كعب الأنطاكي قالا حدثنا الوليد بن مسلم ، عن جرير بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن ميسرة عن المقدام بن معدي [ ص: 125 ] كرب قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فلما بلغ مسح رأسه وضع كفيه على مقدم رأسه فأمرهما حتى بلغ القفا ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه وروى معاوية أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ مثل ذلك سواء وأما قول الحسن بن حي يبدأ بمؤخر رأسه فإنه قد روى في حديث الربيع بنت معوذ بن عفراء أنها وصفت وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت ومسح رأسه مرتين بدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه وبأذنه ظهورهما وبطونهما وهو حديث مختلف في ألفاظه وهو يدور على عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع وهذا لفظ بشر بن المفضل والحسن بن صالح ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل , وعبد الله بن محمد بن عقيل ليس بالحافظ عندهم وقد اختلف عنه في هذا وروى طلحة بن مصرف ، عن أبيه ، عن جده قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح رأسه مسحة واحدة حتى بلغ القذال - وهو أول القفا - بدأ من مقدمه إلى مؤخره حتى أخرج يديه من تحت أذنيه وأصح حديث في هذا حديث عبد الله بن زيد المذكور فيه

واختلف الفقهاء فيمن مسح بعض الرأس فقال مالك الفرض مسح جميع الرأس وإن ترك شيئا منه كان كمن ترك غسل شيء من وجهه هذا هو المعروف من مذهب مالك وهو قول ابن علية قال ابن علية قد أمر الله بمسح الرأس في الوضوء كما أمر مسح الوجه في التيمم وأمر بغسله في الوضوء

وقد أجمعوا أنه لا يجوز غسل بعض الوجه في الوضوء ولا مسح بعضه في التيمم فكذلك مسح الرأس قال وقد أجمعوا على أن الرأس يمسح كله ولم يقل أحد إن مسح بعضه سنة وبعضه فريضة فلما أجمعوا أن ليس مسح بعضه سنة دل على أنه كله فريضة مسحه والله أعلم

[ ص: 126 ] واحتج إسماعيل وغيره من أصحابنا لوجوب العموم في مسح الرأس بقول الله عز وجل ( وليطوفوا بالبيت العتيق ) وقد أجمعوا أنه لا يجوز الطواف ببعضه فكذلك مسح الرأس وقوله عز وجل ( وامسحوا برءوسكم ) معناه عندهم امسحوا رءوسكم ومن مسح بعض رأسه فلم يمسح رأسه

ومن الحجة أيضا لهم أن الفرائض لا تؤدى إلا بيقين واليقين ما أجمعوا عليه من مسح جميع الرأس هذا هو المشهور من مذهب مالك لكن أصحابه اختلفوا في ذلك فقال أشهب يجوز مسح بعض الرأس وذكر أبو الفرج المالكي قال اختلف متأخرو أصحابنا في ذلك فقال بعضهم لا بد أن يمسح كل الرأس أو أكثره حتى يكون الممسوح أكثر الرأس فيجزئ ترك سائره

قال أبو عمر

هذا قول محمد بن مسلمة وزعم الأبهري أنه لم يقله غيره من المالكيين قال أبو الفرج وقال آخرون إذا مسح الثلث أجزأه وإن كان المتروك أكثر قال وهذا أشبه القولين عندي وأولاهما من قبل أن الثلث فما فوقه قد جعله في حيز الكثير في غير موضع من كتبه ومذهبه وزعم الأبهري أنه لم يقل أحد من أصحاب مالك ما ذكره أبو الفرج عنهم وأن المعروف لمحمد بن مسلمة ومن قال بقوله أن الممسوح من الرأس إذا كان الأكثر والمتروك منه الأقل جاز على أصل مالك في أن الثلث يسير مستندر عنده في كثير من أصول مسائله ومذهبه

[ ص: 127 ] قال أبو عمر :

ما ذكره أبو الفرج خارج على أصل مالك في أن الثلث كثير في مسائل كثيرة من مذهبه وكذلك ما ذكره الأبهري أيضا ; لأن الثلث عنده في أشياء كثير وفي أشياء قليل وليس هذا موضع ذكرها

وأما الشافعي فقال الفرض مسح بعض الرأس ولم يحد وهو قول الطبري وقد روي عنهما إن مسح ثلث الرأس أجزأ قال الشافعي احتمل قول الله عز وجل ( وامسحوا برءوسكم ) مسح بعض الرأس ومسح جميعه فدلت السنة أن مسح بعضه يجزئ وقال في موضع آخر فإن قيل قد قال الله عز وجل في التيمم ( فامسحوا بوجوهكم ) أيجزئ بعض الوجه في التيمم ؟ قيل له مسح الوجه في التيمم بدل من عموم غسله فلا بد من أن يأتي بالمسح على جميع موضع الغسل فيه ومسح الرأس أصل فهذا فرق ما بينهما وعفا الله عز وجل في التيمم عن الرأس والرجلين ولم يعف عن الوجه واليدين فلا بد من الإتيان بذلك على كماله وأصله

وقال أبو حنيفة وأصحابه إن مسح المتوضئ ربع رأسه أجزأ ويبدأ بمقدم رأسه إلى مؤخره واختلف أصحاب داود فقال بعضهم مسح الرأس كله واجب فرضا كقول مالك وقال بعضهم المسح ليس شأنه في اللسان الاستيعاب والبعض يجزئ

وقال الثوري والأوزاعي يجزئ مسح الرأس ويمسح المقدم وهو قول أحمد وقد قدمنا عن جميعهم أن مسح جميع الرأس أحب إليهم وكان [ ص: 128 ] ابن عمر وسلمة بن الأكوع يمسحان مقدم رءوسهما وعن جماعة من التابعين إجازة مسح بعض الرأس

حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال حدثنا أحمد بن زهير ، قال حدثنا أبي ، قال حدثنا إسماعيل بن علية ، عن أيوب ، عن محمد بن سيرين ، عن عمرو بن وهب قال كنا عند المغيرة بن شعبة فقال مسح نبي الله صلى الله عليه وسلم بناصيته

قال أبو عمر

بين ابن سيرين وبين عمرو بن وهب في هذا الحديث رجل كذلك قال حماد بن زيد ، عن أيوب

وأخبرنا عبد الله بن محمد ، قال حدثنا محمد بن بكر ، قال حدثنا أبو داود ، قال حدثنا مسدد ، قال حدثنا يحيى ، عن سليمان التيمي قال أخبرنا بكر عن الحسن عن ابن المغيرة بن شعبة ، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح بناصيته ثم ذكر فوق العمامة

قال أبو عمر

الناصية مقدم الرأس

وأخبرنا عبد الله بن محمد قال أخبرنا محمد بن بكر قال أخبرنا أبو داود ، قال حدثنا أحمد بن صالح ، قال حدثنا ابن وهب قال حدثني معاوية بن صالح ، عن عبد العزيز بن مسلم ، عن أبي معقل ، عن أنس بن مالك قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وعليه عمامة قطرية فأدخل يده [ ص: 129 ] من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه ولم ينقض العمامة وأجاز الثوري والشافعي مسح الرأس بإصبع واحدة وقال أبو حنيفة إن مسح رأسه أو بعضه بثلاثة أصابع فما زاد أجزأه وإن مسح بأقل من ذلك

والمرأة عند جميع العلماء في مسح رأسها كالرجل كل على أصله

وأما غسل الرجلين ففي حديث عبد الله بن زيد بن عاصم ثم غسل رجليه ولم يحد وفي حديث عثمان وعلي إذ وصفا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الروايات عنهما ثم غسل رجليه ثلاثا وفي بعضها ثم غسل حتى أنقاهما وفي بعضها ثم غسل رجليه فقط وكذلك في بعض الروايات ، عن عثمان ثم مسح رأسه ثلاثا وفي أكثرها ثم مسح رأسه فقط وفي بعضها ثم مسح رأسه مرة واحدة والوضوء كله ثلاثا ثلاثا وأجمع العلماء أن غسلة واحدة سابغة في الرجلين وسائر الوضوء تجزئ

وكان مالك لا يحد في الوضوء واحدة ولا اثنتين ولا ثلاثا وكان يقول إنما هو الغسل وما عم من ذلك أجزأ والرجلان وسائر الأعضاء سواء

والقول عند العلماء على ما قدمنا في أصولهم في دخول المرفقين في الذراعين كذلك القول عندهم في دخول الكعبين في غسل الرجلين وجملة قول مالك وتحصيل مذهبه أن المرفقين إن بقي شيء منهما مع القطع غسلا قال وأما الكعبان فهما باقيان مع القطع ولا بد من غسلهما مع الرجلين هذا هو المختار من المذهب والكعبان هما الناتئان في أصل الساق وعلى هذا مذهب الشافعي وأحمد بن حنبل وداود بن علي في الكعبين وأما العرقوب فهو مجمع مفصل الساق والقدم

[ ص: 130 ] وقال أبو جعفر الطحاوي : كل مفصل عند العرب كعب . وقال : للناس في الكعبين ثلاثة أقوال فالذي يذهب إليه محمد بن الحسن أن في القدم كعبا وفي الساق كعبا ففي كل رجل كعبان قال وغيره يقول في كل قدم كعب وموضعه ظهر القدم مما يلي الساق قال وآخرون يقولون الكعب هو الدائر بمغرز الساق وهو مجتمع العروق من ظهر القدم إلى العراقيب قال والعرب تقول الكعبان هما العرقوبان

قال أبو عمر :

قد ذكرنا في باب بلاغات مالك عند قوله صلى الله عليه وسلم ويل للأعقاب من النار - أحكام غسل الرجلين , وإبطال قول من قال بمسحهما وذكرنا الحجة في ذلك من جهة الأثر والنظر وذكرنا القول المختار عندنا في الكعبين هناك والحمد لله

واتفق مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم أن الرأس لا يجزئ مسحه إلا بماء جديد يأخذه المتوضئ له كما يأخذه لسائر الأعضاء ومن مسح رأسه بماء فضل من البلل في يديه عن غسل ذراعيه لم يجزه

وقال الأوزاعي وجماعة من التابعين يجزئ وقد مضى القول في الوضوء بالماء المستعمل في باب زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار عن الصنابحي وليس في حديث عبد الله بن زيد هذا ذكر مسح الأذنين وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه أنه كان يمسح اليسرى في وضوئه وقد مضى القول في مسح الأذنين وما في ذلك من الحكم والاختيار لفقهاء الأمصار في باب زيد بن أسلم ، عن عطاء بن [ ص: 131 ] يسار ، عن الصنابحي أيضا من كتابنا هذا ومضى هناك أيضا ذكر المضمضة والاستنثار ، والحمد لله كثيرا لا شريك له .



حديث ثان لعمرو بن يحيى المازني .

مالك ، عن عمرو بن يحيى المازني ، عن أبي الحباب سعيد بن يسار ، عن عبد الله بن عمر أنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو على حمار وهو متوجه إلى خيبر هكذا هو في الموطإ عند جميع الرواة ، ورواه محمد بن إبراهيم بن قحطبة ، عن إسحاق بن إبراهيم الحنيني ، عن مالك ، عن الزهري ، عن أنس قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوجه إلى خيبر على حمار يصلي على الحمار ويومئ إيماء وهذا مما تفرد به ابن قحطبة ، عن الحنيني ، وهو خطأ لا شك عندهم فيه ، وصواب إسناده ما في الموطإ : مالك ، عن عمرو بن يحيى ، عن أبي الحباب ، عن ابن عمر ، وهو حديث انفرد بذكر الحمار فيه عمرو بن يحيى ، والله أعلم .

قال أبو عمر :

هذا في التطوع لا في الفريضة بإجماع من العلماء ، لا تنازع بينهم في ذلك ، فأغنانا إجماعهم عن الاستدلال على ما وصفنا ، وقد ذكرنا الآثار ( الدالة على [ ص: 132 ] ذلك ) في باب عبد الله بن دينار من هذا الكتاب وذكرنا هناك ما للعلماء ( في هذا الباب ) من الاتفاق والاختلاف في السفر الذي يجوز فيه التطوع على الدابة مستوعبا مبسوطا ، والحمد لله .

وقال النسائي : لم يتابع عمرو بن يحيى على قوله : يصلي على حمار . وإنما يقولون : على راحلته .

قال أبو عمر :

بين الصلاة على الحمار والصلاة على الراحلة فرق في التمكن لا يجهل ، والمحفوظ في حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته تطوعا في السفر حيث توجهت به ، وتلا ابن عمر ( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله ) وهذا معناه في النافلة بالسنة إن كان آمنا ، وأما الخوف فتصلى الفريضة على الدابة لقول الله عز وجل ( فإن خفتم فرجالا أو ركبانا ) وهذا كله مجتمع عليه من فقهاء الأمصار وجمهور العلماء .

وأما قول النسائي : إن عمرو بن يحيى انفرد بقوله : على حمار . فإنما أراد - والله أعلم - في حديث ابن عمر ، فإنه لا يعرف في حديث ابن عمر إلا على راحلته ، وأما غير ابن عمر ، فقد روي من حديث جابر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي أينما كان وجهه على الدابة رواه مسعر ، عن بكير بن الأخنس ، عن جابر بن عبد الله [ ص: 133 ] وقال الحسن : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون في أسفارهم على دوابهم أينما كانت وجوههم . رواه هشيم ، عن علي بن زيد قال : حدثنا الحسن فذكره .

.



الخدمات العلمية