الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5098 - وعن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا نظر في المرآة قال : " الحمد لله الذي حسن خلقي وخلقي ، وزان مني ما شان من غيري " . رواه البيهقي في " شعب الإيمان " مرسلا .

التالي السابق


5098 - ( وعن جعفر ) أي : الصادق ( ابن محمد ) أي : الباقر ( عن أبيه ) : تابعي أدرك جابرا وبلغه السلام من النبي - صلى الله عليه وسلم - ( قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا نظر ) أي : إلى وجهه الشريف ( في المرآة ) : بكسر الميم ( قال : الحمد لله الذي حسن ) : بتشديد السين أي : حسن ( خلقي وخلقي ) : بفتح الأول وضم الثاني وقدم الأول لظهوره أولا ونظر الترقي ( وزان ) أي : زين ( مني ) أي : من خلقي وخلقي ( ما شان ) أي : عابه وقبحه ( من غيري ) : سواء في خلقه أو خلقه ، وفيه دلالة صريحة على أن صورته وسيرته على أتم الحسن بالنسبة إلى غيره . قال الطيبي : فيه معنى قوله " بعثت لأتمم حسن الأخلاق " فجعل النقصان شينا كما قال أبو الطيب :


ولم أر في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين على التمام



وعلى نحو هذا الحمد حمد داود وسليمان عليهما الصلاة والسلام في قوله تعالى : ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين وفيه استحباب النظر في المرآة ، والحمد على حسن الخلقة والخلق ، لأنهما نعمتان ) موهوبتان من الله تعالى يجب الشكر عليهما اهـ . بقي أن معرفة حسن الظاهر من المرآة ظاهرة باعتبار المظاهر ، فما معنى ذكر الخلق والسيرة ، فإنه أمر باطن ، ويمكن أن يقال : إن الظاهر عنوان الباطن ، أو أنه من باب الشيء بالشيء يذكر . فإن قلت : فهل لغيره أن يقتدي به ويقول : هذا الحمد أو هذا مختص به عليه الصلاة والسلام ، ويكون لغيره أن يدعو بما سيأتي في الحديث الذي يليه ؟ قلت : ويجوز لكل مؤمن أن يقول ذلك القول ، لأن الإنسان من حيث هو خلق على أحسن تقويم ، وصاحب الإيمان لا شك أنه على خلق مستقيم ودين قويم وفوق كل ذي علم عليم . ( رواه البيهقي في شعب الإيمان مرسلا ) : وكذا رواه البزار عن أنس مرفوعا ولفظه : " الحمد لله الذي سوى خلقي وأحسن صورتي ، وزان مني ما شان من غيري " . وفي رواية للطبراني وابن السني ، عن أنس أيضا : " الحمد لله الذي سوى خلقي فعدله ، وصور صورة وجهي فأحسنها وجعلني من المسلمين " .




الخدمات العلمية