الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5145 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطيبا بعد العصر ، فلم يدع شيئا يكون إلى قيام الساعة إلا ذكره ، حفظه من حفظه ، ونسيه من نسيه ، وكان فيما قال : " إن الدنيا حلوة خضرة ، وإن الله مستخلفكم فيها ، فناظر كيف تعملون ، ألا فاتقوا الدنيا واتقوا النساء " وذكر : " إن لكل غادر لواء يوم القيامة بقدر غدرته في الدنيا ، ولا غدر أكبر من غدر أمير العامة ، يغرز لواؤه عند استه " . قال : " ولا يمنعن أحدا منكم هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه " وفي رواية : " إن رأى منكرا أن يغيره " فبكى أبو سعيد ، وقال : قد رأيناه فمنعتنا هيبة الناس أن نتكلم فيه ، ثم قال : " ألا إن بني آدم خلقوا على طبقات شتى ، فمنهم من يولد مؤمنا ، ويحيا مؤمنا ، ويموت مؤمنا ، ومنهم من يولد كافرا ، ويحيا كافرا ، ويموت كافرا ، ومنهم من يولد مؤمنا ، ويحيا مؤمنا ، ويموت كافرا ، ومنهم من يولد كافرا ، ويحيا كافرا ، ويموت مؤمنا " قال : وذكر الغضب " فمنهم من يكون سريع الغضب سريع الفيء فإحداهما بالأخرى ، ومنهم من يكون بطيء الغضب بطيء الفيء فإحداهما بالأخرى ، وخياركم من يكون بطيء الغضب سريع الفيء ، وشراركم من يكون سريع الغضب بطيء الفيء " . قال : " اتقوا الغضب ; فإنه جمرة على قلب ابن آدم ، ألا ترون إلى انتفاخ أوداجه ؟ وحمرة عينيه ؟ فمن أحس بشيء من ذلك فليضطجع وليتلبد بالأرض " قال : وذكر الدين فقال : " منكم من يكون حسن القضاء ، وإذا كان له أفحش في الطلب ، فإحداهما بالأخرى ، ومنهم من يكون سيئ القضاء ، وإن كان له أجمل في الطلب ، فإحداهما بالأخرى . وخياركم من إذا كان عليه الدين أحسن القضاء ، وإن كان له أجمل في الطلب ، وشراركم من إذا كان عليه الدين أساء القضاء وإن كان له أفحش في الطلب " . حتى إذا كانت الشمس على رءوس النخل وأطراف الحيطان فقال : " أما إنه لم يبق من الدنيا فيما مضى منها إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه " . رواه الترمذي .

التالي السابق


5145 - ( وعن أبي سعيد الخدري ، قال : قام فينا ) أي : فيما بيننا ، أو في حقنا أو لأجلنا ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطيبا ) أي : واعظا لقوله : ( بعد العصر ، فلم يدع ) أي : لم يترك ( شيئا ) أي : مما يتعلق بأمر الدين مما لا بد منه ( يكون ) أي : يقع ذلك الشيء ( إلى قيام الساعة ) أي : ساعة القيامة ( إلا ذكره ) أي : عينه وبينه ( حفظه من حفظه ) أي : ممن وفقه الله وحفظه ( ونسيه من نسيه ) أي : ممن أنساه الله وترك نصره ( وكان فيما قال ) أي : من خطبته وموعظته ( إن الدنيا ) : وفي الجامع أما بعد : فإن الدنيا ( حلوة ) : بضم أوله أي : لذيذة حسنة ( خضرة ) : بفتح فكسر أي : ناعمة طرية . وفي الجامع : تقدم خضرة ، وإنما وصفها بالخضرة لأن العرب تسمي الشيء الناعم خضرا ، أو لشبهها بالخضراوات في ظهور كمالها وسرعة زوالها ، وفيه بيان أنها غدارة مكارة سحارة تفتن الناس بلونها وطعمها ، وتوضيحه أن الدنيا طيبة مليحة في عيون أربابها وقلوب أصحابها لا يشبعون من جمع المال ، ولا من سعة الجاه ، وكثرة الإقبال وطول الآمال ، وفيه إيذان بشدة انجذاب النفوس إليها ، لأن كلا من هذين الوصفين تميل إليه النفوس الناقصة ، فإن اجتمعا كانت إليها أميل وعليها أقبل . ( وإن الله مستخلفكم فيها ) أي : جاعلكم خلفاء في الدنيا ، معناه أن أموالكم ليست في الحقيقة لكم ، وإنما هي لله جعلكم في التصرف فيها بمنزلة الوكلاء ، أو جاعلكم خلفاء فيمن كان قبلكم ، وأعطى ما كان في أيديهم إياكم ( فناظر كيف تعملون ) أي : تعتبرون بحالهم ، وتتفكرون في مآلهم ، وتتصرفون في دنياكم ، وتراعون في دنياكم لعقباكم ، وحاصل أنه يتعلق له العلم التنجيزي على طبق العلم الأزلي التقديري ( ألا ) : للتنبيه ( فاتقوا الدنيا ) أي : احذروا زيادتها على قدر الحاجة المعينة للدين النافعة في الأخرى ( واتقوا النساء ) أي : مكرهن وغدرهن وحبهن البالغ الباعث على جمع المال المانع من تحصيل العلم والعمل من أسباب الكمال ، وفي الجامع زيادة ، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ، ( وذكر ) أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - في جملة ما ذكر ( أن ) : بفتح الهمزة وتكسر ( لكل غادر ) : من الغدر وهو ترك الوفاء ( لواء ) : بكسر اللام أي : علما إعلاما بسوء حاله وقبح مآله ( يوم القيامة ) أي : يوم الفضيحة ( بقدر غدرته ) : مصدر بمعنى الغدر ، ولعل وجه الإتيان بصيغة المرة أن يجازى بغدره في العقبى ولو كان مرة ( في الدنيا ) : ولا شك أن الغدر فيها له مراتب مختلفة ، فلهذا قال : ( ولا غدر أكبر من غدر أمير العامة ) : قال التوربشتي رحمه الله : أراد به المتغلب الذي يستولي على أمور المسلمين وبلادهم بتأمير العامة ومعاضدتهم إياه من غير مؤامرة من الخاصة ، وأهل العقد من أولي العلم ، ومن ينضم إليهم من ذوي السابقة ووجوه الناس ، وقوله : ( يغرز لواؤه عند استه ) : من شأن الأمراء أن يكون لواؤهم خلفهم ليعرفوا به ، فيوم القيامة يكون لكل من دعا إلى حق أو باطل لواء يعرف به وذكر عند استه استهانة وتنبيها على أنه يلصق به ، ويدنى منه دنوا لا يكون معه اشتباه اهـ . فقوله : يغرز بصيغة المجهول أي : ينصب لواؤه عند استه تحقيرا له ، وهو بهمزة الوصل مكسورة العجز أو حلقة الدبر .

( قال ) أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - ( لا يمنعن ) : بالتذكير ويؤنث ( أحدا منكم هيبة الناس ) أي : عظمتهم وشوكتهم ومخالفتهم ومهابتهم ( أن يقول بحق ) أي : من أن يتكلم به ، أو يأمر له ( إذا علمه ) : وفي النهاية : يجعل العرض القول عبارة عن جميع الأفعال ويطلقه على غير الكلام ، فيقول قال بيده أي : أخذ ، وقال برجله أي : مشى ( وفي رواية ) أي : بدلا من قوله : أن يقول بحق ( إن رأى منكرا ) : بإن الشرطية ( أن يغيره ) : مفعول لا يمنعن أي : من تغيير المنكر ، ( فبكى أبو سعيد وقال : قد رأيناه ) أي : المنكر ( فمنعتنا هيبة الناس أن نتكلم فيه ) أي : عملا بما في بعض الأحاديث من رخصة السكوت عند المخافة على نفسه أو عرضه أو ماله عند العجز [ ص: 3217 ] وضعف زمن الإيمان ، وأما العزيمة ، فأن لا يبالي بشيء ، مما ذكر ، ولذا ورد : " أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر " على ما روى ابن ماجه عن أبي سعيد ، وجماعة عن أبي أمامة وغيره ، وقد قال تعالى : ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله أي : يبيعها ببذلها في الجهاد ، أو يأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، حتى يقتل ظلما لرضاه لا لغرض سواه ، فإن أكابر الصحابة الصدر الأول عجزوا مع كمال قوتهم في الدين واليقين والمعرفة ، ولم يقدروا على إظهار الحق لأهل البطلان كيزيد والحجاج ، وأمثالهما من الظلمة والفسقة ، فكيف حالنا والحال أن بعد الألف أيام تقهقر الإسلام ، وتسلط السلاطين على جميع الأنام من غير تحققهم بشروط الإمامة والخلافة ، وقلة العلماء العاملين ، وكثرة العضلاء الجاهلين والقضاة الظالمين والمشايخ المرائين ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، فهذا لا شك أنه زمان الصبر المقرون بالشكر المنضم إلى الرضا بالقضاء المتعين فيه السكوت ، وملازمة البيوت ، والقناعة بالقوت إلى أن يموت .

( ثم قال ) أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - ( ألا ) : للتنبيه ( إن بني آدم ) : خصوا بالذكر لأن الملائكة خلقوا للخير فقط ، والشياطين خلقوا للشر فقط ، فالأولون مظاهر الجمال ، والآخرون مظاهر الجلال ، وبنو آدم خلقوا على وصف الكمال ، ولعل هذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله خلق آدم على صورته " أي : على صفة الكمال الجامعة لنعوت الجلال والجمال ، ولما خلق فيهم هذه القابلية الكاملة قدروا على حمل الأمانة الشاملة التي عرضت على السماوات والأرض والجبال أي : على أهلها من العلويات ، والسفليات فأبين أن يحملنها أي : امتنعن لعدم استعدادهن وأشفقن منها لعدم استطاعتهن ، وحملها الإنسان فالإنسان معجون مركب من النعوت الملكية الموجبة لعناية الجمال الرباني والصفات الشيطانية المقتضية لغضب الجلال الصمداني ، فإن مال السالك إلى الملك صار خيرا منه ، وإن مال إلى الشيطان صار شرا منه ، وهم مع هذا الوصف الإجمالي والنعت الإكمالي كما قال صلى الله تعالى عليه وسلم : ( خلقوا ) أي : جبلوا على ما خلق الله فيهم من اختيار الخير والشر ( على طبقات شتى ) أي : مراتب مختلفة باعتبار اختلاف أحوال الإيمان والكفر وأوقاتهما ( فمنهم من يولد مؤمنا ) أي : من أبويه المؤمنين ، أو في بلاد المؤمنين ، فإنه حين يولد قبل التمييز لا ينسب إليه الإيمان إلا باعتبار ما علم الله فيه من الأزل أو باعتبار ما يئول إليه أمره في الاستقبال ( ويحيا ) أي : يعيش في جميع عمره من حين تمييزه إلى انتهاء عمره ( مؤمنا ) أي : كاملا أو ناقصا ( ويموت مؤمنا ) أي : كذلك جعلنا الله منهم ( ومنهم من يولد كافرا ) أي : بخلاف ما سبق ، وهو لا ينافي ما ورد : " كل مولود يولد على الفطرة " فإن المراد بها قابلية قبول الهداية ، لولا مانع من بواعث الضلالة كما يشهد له قوله : " فأبواه يهودانه " الحديث . ( ويحيا كافرا ، ويموت كافرا ) : نعوذ بالله من ذلك ( ومنهم من يولد مؤمنا ، ويحيا مؤمنا ، ويموت كافرا ) : نسأل الله العافية من خاتمة الهاوية ، ( ومنهم من يولد كافرا ويحيا كافرا ويموت مؤمنا ) : فالعبرة بالخواتيم اللاحقة المطابقة للكتابة السابقة من السعادة الكاملة والشقاوة الشاملة ، وكان التقسيم غالبي ، وإلا فمنهم من يولد مؤمنا ويحيا كافرا ، ويموت مؤمنا ، ومنهم من يولد كافرا ويحيا مؤمنا ويموت كافرا ، ولعل عدم ذكرها لأن المقصود منه أن العبرة بالخاتمة ، وقد علمت مما ذكر إجمالا .

( قال ) أي : أبو سعيد ( وذكر ) أي : النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ( الغضب ) : وهو فرد من أنواع الأخلاق إشارة إلى أنها أيضا كالإيمان مجبولة مجعولة في أفراد الإنسان ، وأن أصحابه على طبقات شتى ، ويقاس عليه سائر الشمائل المرضية والأخلاق الدنية ( فمنهم ) أي : من بني آدم ، مع أنهم كلهم من نسل نبي الله وصفيه ، ولكنه لما كانت طينته معجونة بوصف خلقته بيدي الله اقتضت هذه القضية المختلفة التي وقعت له أولا من الصعود والهبوط ، والاجتباء آخرا أن يكون على طبقها طبقات أولاده من الإيمان والكفر على ما سبق ، ومن الأخلاق الناشئة عنهما بقوله : فمنهم ( من يكون سريع الغضب ) أي : بمقتضى الخلق النفساني ( سريع الفيء ) : [ ص: 3218 ] أي : الرجوع من الغضب ( فإحداهما بالأخرى ) أي : إحدى الخصلتين مقابلة بالأخرى ، ولا يستحق المدح والذم فاعلهما لاستواء الحالتين فيه بمقتضى العقل ، فلا يقال في حقه : إنه خير الناس ولا شرهم ( ومنهم من يكون بطيء الغضب ) : فعيل من البطء مهموز وقد يبدل ويدغم ، وهو ضد السريع ( بطيء الفيء ، فإحداهما بالأخرى ) : كما سبق بيانه في الأولى ( وخياركم من يكون بطيء الغضب سريع الفيء ، وشراركم من يكون سريع الغضب بطيء الفيء ) : والتقسيم بمقتضى العقل رباعي لا خامس له ، وفيه إشارة إلى أن الإنسان خلق فيه جميع الأخلاق المرضية والدنية ، وأن كماله أن تغلب له الصفات الحميدة على الذميمة لا أنها تكون معدومة فيه بالكلية وإليه الإشارة بقوله تعالى : والكاظمين الغيظ حيث لم يقل والعادمين ، إذ أصل الخلق لا يتغير ولا يتبدل ، ولذا ورد : ولو سمعتم أن جبلا زال عن مكانه فصدقوه ، وإن سمعتم أن رجلا تغير عن خلقه أي : الأصلي فلا تصدقوه ، ومما يدل على جواز تبديل الأخلاق في الجملة دعاؤه صلى الله تعالى عليه وسلم : " اللهم اهدني لصالح الأخلاق لا يهدي لصالحها إلا أنت ، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت " .

( قال ) أي : النبي عليه الصلاة والسلام في إعادة قال إشارة إلى أنه لم يحفظ الحديث لكماله لطوله . ( اتقوا الغضب ) أي : ما يؤدي إليه من السبب ، أو بالتعوذ منه إلى الرب ( فإنه جمرة ) أي : حرارة غريزية وحدة جبلية مشعلة جمرة نار مكمونة في كانون النفس ( على قلب ابن آدم ) أي : متعالية عليه عند غلبته بحيث لا تخلي للقلب والعقل معها مجال تصرف وتعقل . ( ألا ترون ) أي : ألا تنظرون ( إلى انتفاخ أوداجه ) أي : عروق حلق الغضبان ( وحمرة عينيه ) : كما يوجد مثل هذا عند حرارة الطبيعة في أثر الحمى ، فإن الظاهر عنوان الباطن ، وكل إناء يترشح بما فيه . ( فمن أحس بشيء من ذلك ) أي : أدرك ظهور أثر منه أو من علم في باطنه شيئا منه ( فليضطجع ) أي : تواضعا لله وإظهارا لعجزه عنه ( وليتلبد بالأرض ) أي : ليلتصق ويلتزق بها حال اضطجاعه ، أو يزد عليه بالتمرغ في ترابها حتى يسكن غضبه ، وإنما أمر به لما فيه من الضعة عن الاستعلاء ، وتذكار أن من كان أصله من التراب لا يستحق أن يتكبر ويتجبر على الأصحاب ، وأن الأنانية الناشئة عن غلبة العنصر النارية من صلة الشيطان ، وما يترتب عليها من الإفساد ، وأن الإنسان خلق من تراب يقتضي التواضع والتحمل ، وسائر ما يقتضي صلاح العباد والمعاد .

( قال ) أي : أبو سعيد ( وذكر ) أي : النبي صلى الله عليه وسلم ( الدين ) أي : أنواع قضائه ( فقال : منكم من يكون حسن القضاء ) أي : مستحسن الأداء إذا كان عليه الدين ( وإذا كان ) أي : الدين ( له ) أي : على أحد ( أفحش في الطلب لما ) : بأن لم يراع الأدب وآذى في تقاضيه وعسر على صاحبه في الطلب ( فإحداهما بالأخرى ) أي : فالخصلتان متعارضتان متساقطتان متساويتان ( ومنهم من يكون سيئ القضاء ، وإن كان له ) أي : الدين ( أجمل ) أي : أسهل وأيسر ( في الطلب ) أي : في طلب دينه ( فإحداهما بالأخرى ) : إذ لا خير في اجتماعهما ( وخياركم من إذا كان عليه الدين أحسن القضاء ، وإن كان له ) أي : الدين ( أجمل في الطلب ، وشراركم من إذا كان عليه الدين أساء القضاء وإن كان له ) أي : الدين ( أفحش في الطلب ) : فالتقسيم عقلي رباعي ( حتى إذا كانت الشمس ) : قال القاضي - رحمه الله - : غاية قوله قام فينا خطيبا أي : قام فلم يدع شيئا إلا ذكره ، حتى إذا كانت الشمس أي : وقعت ( على رءوس النخيل وأطراف الحيطان ) : جمع حائط بمعنى [ ص: 3219 ] الجدار ، ثم قوله : " إذا " للمستقبل وكانت ماض ، وفائدته استحضار الحال الماضية في مشاهدة السامع كقوله تعالى : وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض الكشاف هو على حكاية الحال الماضية كقوله : حين يضربون في الأرض ( فقال : أما ) : للتنبيه ( إنه ) أي : الشأن ( لم يبق من الدنيا فيما مضى منها ) أي : في جملة مما مضى منها ، وفي حديث ما سبق منها ( إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه ) : يعني نسبة ما بقي من أيام الدنيا إلى جملة ما مضى كنسبة ما بقي من يومكم هذا إلى ما مضى منه ، وقوله : إلا كما بقي مستثنى من فاعل لم يبق أي : لم يبق شيء من الدنيا إلا مثل ما بقي من يومكم هذا ( رواه الترمذي ) : وفي الجامع : رواه أحمد والترمذي والحاكم والبيهقي ، عن أبي سعيد ، لكن من نوع تغيير وزيادة يسير .




الخدمات العلمية