الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5522 - وعنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " يقبض الله الأرض يوم القيامة ، ويطوي السماء بيمينه ، ثم يقول : أنا الملك ، أين ملوك الأرض " ؟ متفق عليه .

التالي السابق


5522 - ( وعنه ) أي : عن أبي هريرة ( قال : قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم : يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء ) : ولعل المراد بهما إبدالهما ، كما قال تعالى : يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ، ( بيمينه ) أي : بقوته أو قدرته ، أو بيمينه الصادر عنه أنه يفعله ، أو بقبض الملائكة وطيهم الكائنين بيمين عرشه . قال القاضي : عبر به عن إفناء الله تعالى هذه المظلة وهذه المقلة ، رفعهما من البين ، وإخراجهما من أن يكون مأوى ومنزلا لبني آدم بقدرته الباهرة التي تهون عليها الأفعال العظام التي يتضاءل دونها القوى والقدر ، ويتحير فيها الأفهام والفكر على طريقة التمثيل والتخييل ، وأضاف في الحديث الذي يليه طي السماوات وقبضها إلى اليمين ، وطي الأرض إلى الشمال ; تنبيها وتخييلا لما بين المقبوضين من التفاوت والتفاضل ، وقال بعضهم : اعلم أن الله تعالى منزه عن الحدوث وصفة الأجسام ، وكل ما ورد في القرآن والأحاديث في صفاته ، مما ينبئ عن الجهة والفوقية ، والاستقرار والإتيان ، والنزول ، فلا نخوض في تأويله ، بل نؤمن بما هو مدلول تلك الألفاظ على المعنى الذي أراد سبحانه ، مع التنزيه عما يوهم الجهة والجسمية . ( ثم يقول : أنا الملك ) أي : لا ملك إلا لي ، أو أنا ملك الملوك والأملاك ، وفيه تنبيه على أن الملك أبلغ من المالك ، مع أن المفسرين اختلفوا في قوله تعالى : ملك يوم الدين و مالك يوم الدين أن أي القراءتين أبلغ ، كما أشار إليه الشاطبي بقوله :


ومالك يوم الدين راويه ناصر



ومجمل الكلام في البيضاوي مذكور والتفصيل في غيره مسطور ، ( أين ملوك الأرض ) ؟ أي : الذين كانوا يزعمون أن الملك لهم استقلالا أو دواما لا يرون به زوالا ، أو الذين كانوا يدعون الألوهية في الجهة السفلية ، وقيد بها لأن الملأ الأعلى هم معصومون عن أفعال أهل السفلى . ( متفق عليه ) ، ورواه النسائي ، وابن ماجه .




الخدمات العلمية