الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5901 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى قدمنا عسفان ، فأقام بها ليالي ، فقال الناس : ما نحن هاهنا في شيء ، وإن عيالنا لخلوف ما نأمن عليهم ، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ( والذي نفسي بيده ما في المدينة شعب ولا نقب إلا عليه ملكان يحرسانها حتى تقدموا إليها ) ثم قال : ( ارتحلوا ) فارتحلنا وأقبلنا إلى المدينة ، فوالذي يحلف به ما وضعنا رحالنا حين دخلنا المدينة حتى أغار علينا بنو عبد الله بن غطفان وما يهيجهم قبل ذلك شيء . رواه مسلم .

التالي السابق


5901 - ( وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : خرجنا ) ، أي : من مكة ( مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى قدمنا عسفان ) ، بضم أوله ففي القاموس : عسفان كعثمان ، موضع على مرحلتين من مكة . وقال شارح ، أي : رجعنا عن السفر ووصلنا إلى عسفان ، موضع قريب المدينة . قال صاحب الأزهار : وهو غلط ، بل هو على مرحلتين من مكة ، ذكره المغرب وغيره . ( فأقام بها ) ، أي : بتلك البقعة أو القرية ( ليالي ) ، أي : وأياما ( فقال الناس ) ، أي : بعض المنافقين أو الضعفاء في الدين واليقين ( ما نحن هاهنا في شيء ) ، أي : شغل وعمل ، أو في شيء من أمر الحرب ( وإن عيالنا لخلوف ) : بالضم أي : لغائبون أو نساء بلا رجال ، يقال : حي خلوف إذا لم يبق فيهم إلا النساء ، والخلوف أيضا الحضور المتخلفون والجملة حال ، وقوله : ( مما نأمن عليهم ) ، أي : على عيالنا خبر بعد خبر ، ولعل تذكير الضمير للتغليب ، أو تنزيلا منزلة الرجال في الجلادة والشجاعة ، ( فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - ) أي : فوصله هذا الكلام ( فقال : والذي نفسي بيده ما في المدينة شعب ) : بكسر المعجمة طريق في الجبل ( ولا نقب ) ، أي : طريق بين الجبلين ، أي : ليس في المدينة ما يطلق عليه الشعب والنقب ( إلا عليه ملكان يحرسانها ) : بضم الراء أي : يحفظانها بأمر الله تعالى ( حتى تقدموا ) : بفتح الدال أي : ترجعوا ( إليها ) : قال الطيبي ، قوله : عليه أي : على كل واحد من الشعب والنقب ، والضمير في يحرسانها راجع إلى المدينة ، والمراد شعبها ونقبها . قلت : الأظهر أن يراد بهما جميعا ( ثم قال : ارتحلوا ، فارتحلنا وأقبلنا إلى المدينة ) ، أي متوجهين إليها ( فوالذي يحلف به ) ، أي : الله سبحانه ( ما وضعنا رحالنا ) أي : متاعنا عن ظهور جمالنا ( حين دخلنا المدينة حتى أغار علينا ) ، أي : معشر المدينة ( بنو عبد الله بن غطفان ) : بفتح المعجمة فالمهملة ، والمعنى أن المدينة حال غيبتهم عنها كانت محروسة ، كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - إعجازا ، ولم يكن مانعا من الإغارة والتهييج عليها إلا حراسة الملائكة ، وهذا معنى قوله : ( وما يهيجهم ) : بتشديد الياء ما يثير بني عبد الله على الإغارة ( قبل ذلك ) ، أي : قبل دخولنا المدينة ( شيء ) ، أي : من البواعث . وقال شارح ، أي : قبل الغارة وهو ليس بشيء ، ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية