الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6136 - وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت : خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود ، فجاء الحسن بن علي فأدخله ، ثم جاء الحسين فدخل معه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء علي فأدخله ثم قال : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا رواه مسلم .

التالي السابق


6136 - ( وعن عائشة قالت : خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - غداة ) ، أي : صباحا وفي رواية : ذات غداة ( وعليه مرط ) : بكسر ميم وسكون راء ، كساء يكون من خز وصوف فيه علم ( مرحل ) : بفتح الحاء المهملة المشددة ، ضرب من برود اليمن لما عليه من تصاوير الرحل ، كذا ذكره شارح ، وروي بجيم وهو ما عليه صورة المراجل بمعنى القدور ( من شعر ) : بفتح عين ويسكن ( أسود ، فجاء الحسن بن علي فأدخله ) ، أي تحت المرط بالأمر أو الفعل ، وفي رواية فأدخله فيه ( ثم جاء الحسين فدخل معه ) ، أي بإدخال أو بغيره لصغره ، وفي رواية فأدخله فيه ( ثم جاءت فاطمة فأدخلها ) أي فيه كما في رواية ( ثم جاء علي فأدخله ) ، أي : فيه كما في رواية ( ثم قال ) ، أي : قرأ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أي الإثم وكل ما يستقذر مروءة ( أهل البيت ) نصب على النداء أو المدح ، وفيه دليل على أن نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل بيته أيضا ، لأنه مسبوق بقوله : يا نساء النبي لستن كأحد من النساء وملحوق بقوله : واذكرن ما يتلى في بيوتكن فضمير الجميع إما للتعظيم أو لتغليب ذكور أهل البيت على ما يستفاد من الحديث . ويطهركم تطهيرا من التلوث بالأرجاس والأدناس المبتلي بها أكثر الناس . قال الطيبي : استعار للذنب الرجس ، وللتقوى الطهر ، لأن غرض المقترف للمقبحات أن يتلوث بها ويتدنس كما يتلوث بدنه بالأرجاس ، وأما المحسنات فالغرض منها نقي مصون كالثوب الطاهر ، وفي هذه الاستعارة ما ينفر أولي الألباب عما كره الله لعباده ، وينهاهم عنه ويرغبهم فيما رضيه لهم وأمره به ، وسيأتي تراجم الحسنين وأمهما في محالها المختصة بهم ( رواه مسلم ) . وأخرجه أحمد عن واثلة وزاد في آخره : اللهم هؤلاء أهل بيتي وأهل بيتي أحق . وفي الرياض عن سعد قال : أمر معاوية سعدا أن يسب أبا تراب فقال : أما ما ذكرت ثلاثا قالهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلن أسبه لأن يكون في واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول له ، وخلفه في بعض مغازيه فقال علي : تخلفني مع النساء والصبيان ؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " وسمعته يقول يوم خيبر : " لأعطين الراية " وذكر القصة ، ولما نزلت هذه الآية : تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم " دعا رسول الله " عليا وفاطمة والحسن والحسين وقال : " اللهم هؤلاء أهل بيتي " أخرجه مسلم والترمذي ، وعن أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل على الحسن والحسين وعلي وفاطمة كساء .

[ ص: 3963 ] وقال : " اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامتي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " . أخرجه الترمذي وقال : حسن صحيح . وفي رواية للترمذي قالت أم سلمة : وأنا معهم يا رسول الله ؟ قال : " أنت على مكانك وأنت على خير " . وعن أم سلمة قالت : بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته يوما إذ قالت الخادم : إن عليا وفاطمة بالسد أي الباب قالت فقال لي : " قومي فتنحي لي عن أهل بيتي " قالت : فقمت فتنحيت في البيت قريبا فدخل علي وفاطمة ومعهما الحسن والحسين ، وهما صبيان صغيران ، فأخذ الصبيين فوضعهما في حجره فقبلهما واعتنق عليا بإحدى يديه وفاطمة بالأخرى وقبل فاطمة وقبل عليا ، وأغدف أي أرسل عليهم خميصة سوداء ثم قال : " اللهم إليك لا إلى النار أنا وأهل بيتي " قالت قلت : وأنا يا رسول الله - صلى الله عليك - ؟ قال : " وأنت " أخرجه أحمد ، والظاهر أن هذا الفعل تكرر منه - صلى الله عليه وسلم - في بيت أم سلمة ، والمنع وقع من دخولها معهم فيما جللهم به ، وعليها يحمل قولها في الحديثين الأولين وأنا معهم أي : أدخل معهم لا أنها ليست من أهل البيت ، بل هي منهم ، ولذلك لما قالت في الحديث الآخر : وأنا ولم تقل معهم أي أنا أيضا إلى الله لا إلى النار . قال : " وأنت إلى الله لا إلى النار " وكذا لما قالت : وأنا من أهل البيت في رواية قال : " وأنت من أهل البيت " وأثبتك أيضا على أنه قد ورد أنه - صلى الله عليه وسلم - أذن لها في الدخول معهم في الكساء ، وعن أبي سعيد الخدري في قوله تعالى : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا قال : نزلت في خمسة : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، أخرجه أحمد في المناقب ، وأخرجه الطبراني . وعن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يمر بباب فاطمة إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول : " الصلاة يا أهل البيت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " . رواه أحمد . وعن علي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة : ( أنا وإياك وهذين يعني حسنا وحسينا وهذا الراقد يعني عليا في مكان واحد يوم القيامة ) . أخرجه أحمد . وعن ابن عباس قال : لما نزلت : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى قالوا : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟ قال : " علي وفاطمة وابناهما " . أخرجه أحمد في المناقب .




الخدمات العلمية