الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
895 - وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي ، يقول : يا ويلتي أمر ابن آدم بالسجود ، فسجد ، فله الجنة ، وأمرت بالسجود فأبيت ، فلي النار " ، رواه مسلم .

التالي السابق


895 - ( وعنه ) : أي : عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا قرأ ابن آدم ) : ذكر تلميحا لقصة أبيه آدم مع الشيطان التي هي سبب العداوة بينهما ( السجدة ) ، أي : آيتها ( فسجد ) ، أي : ابن آدم التالي والمستمع امتثالا لأمر الله ، ورغبة في طاعته ( اعتزل الشيطان ) ، أي : انصرف وانحرف من عند القارئ الذي يريد وسوسته إلى جانب آخر ، لتحليه بذلك القرب ، وتخلي الشيطان بأقبح البعد ، وكل من عدل لجانب فهو معتزل ، ومن ثم سميت المعتزلة معتزلة لاعتزال أوائلهم الحسن البصري ، لما سمعوه يقرر خلاف معتقدهم الفاسد إلى ناحية من المسجد يقررون عقيدتهم فقال : من المعتزلة ، وفي رواية اعتزلوا عنا فسموا بذلك ، ( يبكي ، يقول ) : قال الطيبي : هما حالان من فاعل اعتزل مترادفتان ، أي : باكيا وقائلا أو متداخلتان ، أي : باكيا قائلا ( يا ويلتى ) : قال ابن الملك : أصله : يا ويلي ، فقلبت ياء المتكلم تاء ، وزيدت بعدها ألف للندبة ، والويل : الحزن والهلاك كأنه يقول : يا حزني ويا هلاكي احضر ، فهذا وقتك وأوانك ، قال الطيبي : نداء الويل للتحسر على ما فاته من الكرامة وحصول اللعن والخيبة للحسد على ما حصل لابن آدم بيانه ، ( أمر ابن آدم بالسجود ، فسجد فله الجنة ، وأمرت بالسجود فأبيت ) ، أي : امتنعت تكبرا ، قال ابن حجر ، أي : عن امتثال أمر الله واستحقارا لآدم عليه السلام عن أن يسجد إليه ، أي : يجعل قبلة للسجود إذ هو لم يكن بوضع جبهة ، بل [ ص: 723 ] انحناء ، أو وضع جبهة لكن لله وحده ، وأما آدم فإنما جعل قبلة فقط كالكعبة ( فلي النار ) : فيه دلالة على أن سجود التلاوة واجب ، كما هو مذهبنا ، وظاهر المقابلة أنه كان مأمورا بالسجود لله تعالى وكان آدم قبلة فأبى جواز كونه قبلة له لقياس فاسد أظهره في مقابلة النص ، والله أعلم ، ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية