الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثالث

1217 - عن أبي سعيد رضي الله عنه ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل كبر ، ثم يقول : " سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك " ، ثم يقول : " الله أكبر كبيرا " ، ثم يقول : " أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم " من همزه ونفخه ونفثه " . رواه الترمذي وأبو داود والنسائي ، وزاد أبو داود بعد قوله : " غيرك " ، ثم يقول : " لا إله إلا الله " ثلاثا . وفي آخر الحديث : ثم يقرأ .

التالي السابق


الفصل الثالث

1217 - ( عن أبي سعيد ) ، أي : الخدري ، كما في نسخة ( قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل كبر ) : الظاهر أنه تكبير التحريمة ( ثم يقول ) : قال الطيبي : قوله كبر ثم يقول في المواضع الثلاث بالمضارع عطفا على الماضي للدلالة على استحضار تلك المقالات في ذهن السامع ، و ( ثم ) لتراخي الأخبار ، ويجوز أن تكون لتراخي الأقوال في ساعات الليل . ( " سبحانك اللهم وبحمدك " ) ، أي : أنزهك تنزيها مقرونا بحمدك ( " وتبارك اسمك " ) ، أي : تكاثر خيره فضلا عن مسماه ، أو تعاظم اسمك عن أن يلحد فيه ، أو يخترع لك من غير توقيف منك ; إذ لا يعلم اللائق بك من الأسماء إلا أنت . ( " وتعالى جدك " ) ، أي : ارتفع عظمتك فوق كل عظمة تتصور ، أو تعالى غناك عن أن يحتاج لأحد ، أو أن يلتجئ إليه مفتقر ويرجع خائبا ( " ولا إله غيرك " ) : وما سواك مخلوق ومملوك ومقهور لك . ( ثم يقول : " الله أكبر كبيرا " ) : لا يعرف كنه كبريائه ( ثم يقول : " أعوذ " ) ، أي : ألتجئ وأعتصم وألوذ ( " بالله السميع العليم " ) ، أي : الموصوف بوصفه الكريم ( " من الشيطان الرجيم " ) : المعروف بوصفه اللئيم المطرود من باب ربه ، الرجيم بدعوى شرف الزيادة وإباء دعوة العبادة ، أو المراد به [ ص: 920 ] كل متمرد من الجن والأنس ، سمي بذلك لشطونه من الخير ، أي تباعده ، فالنون أصلية ، أو لشيطه ، أي : هلاكه ، فهي زائدة ، ويحتمل أن يكون الرجيم بمعنى الفاعل لرجمه الغير بوسوسته بتبعيده عن قرب ربه وحضرته ، ( " من همزه " ) ، أي : نخزه يعني وسوسته وإغواءه ، أو سحره ، وفسر أيضا بالجنون ، ( " ونفخه " ) ، أي : كبره وعجبه ( " ونفثه " ) : سحره أو شعره ، وفي الحصن من نفخه ونفثه وهمزه ( رواه الترمذي وأبو داود والنسائي ) : قال ابن حجر : والحاكم ، وابن حبان في صحيحيهما ، قال ميرك : ضعف البيهقي إسناده .

( وزاد أبو داود بعد قوله : " غيرك " ثم يقول : " لا إله إلا الله " ثلاثا . وفي آخر الحديث ) ، أي : بعد الاستعاذة ( ثم يقرأ ) ، أي : القراءة أو الفاتحة ، والحديث يؤيد من يرجح أن أفضل صيغ الاستعاذة : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، لكن الأصح عند الجمهور أن أفضلها ما تضمنته آيتها من أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ; لأن الله تعالى لا يعلم نبيه وأمته إلا الأفضل .




الخدمات العلمية