الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1454 - وعن عائشة - رضي الله عنها - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بكبش أقرن ، يطأ في سواد ، ويبرك في سواد ، وينظر في سواد ، فأتي به ليضحي به ، قال : يا عائشة ، هلمي المدية ، ثم قال : اشحذيها بحجر ، ففعلت ، ثم أخذها وأخذ الكبش ، فأضجعه ثم ذبحه ، ثم قال : بسم الله اللهم تقبل من محمد ، وآل محمد ، ومن أمة محمد ، ثم ضحى به . رواه مسلم .

التالي السابق


1454 - ( وعن عائشة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بكبش ) أي : بأن يؤتى به إليه . ( أقرن ، يطأ ) أي : يمشي . ( في سواد ) قيل : هو مجاز عن سواد القوائم . ( ويبرك ) أي : يضجع . ( في سواد ) : عن سواد البطن . ( وينظر في سواد ) : عن سواد العين ، وقيل : أرادت بذلك أن الكبش كان على ما يلي أظلافها من الأكارع لمعة سواد ، وعلى الركبتين ، والمحاجر ، وهي حوالي عينيه ، وباقيه أبيض . ( فأتي به ) أي : فجيء بالكبش . ( ليضحي به ) : علة لأمره - عليه الصلاة والسلام - ( قال : يا عائشة ، هلمي المدية ) أي : هاتيها . قال الطيبي : بنو تميم تثني وتجمع وتؤنث ، وأهل الحجاز يقولون : هلم في الكل اهـ . ومنه قوله تعالى : قل هلم شهداءكم أي : أحضروهم ، وبهذا يظهر وجه ضعف قول ابن حجر أي : تعالي بها ، والمدية : بضم الميم أصح من الكسر والفتح ، أي : السكين . ( ثم قال : اشحذيها ) : بفتح الحاء المهملة أي : حدي المدية . ( بحجر ) أي : من أحجار المسن أو مطلقا . ( ففعلت ) وفي خبر مسلم : وليحد أحدكم شفرته وهي بفتح أوله السكين العظيم ، ويكره حدها قبالة الذبيحة ; لأن عمر ضرب بالدرة من رآه يفعل ذلك ، وكره ذبح أخرى قبالتها لخبر فيه . ( ثم أخذها وأخذ الكبش ، فأضجعه ) أي : أرقده على جنبه . ( ثم ذبحه ) أي : أراد ذبحه . ( ثم قال : بسم الله ) : قال الطيبي : ثم هذه للتراخي في الرتبة ، وأنها هنا هي المقصودة [ ص: 1079 ] الأولية ، وإلا فالتسمية مقدمة على الذبح . ( اللهم تقبل من محمد وآل محمد ) ، ومن أمة محمد . قال الطيبي : المراد المشاركة في الثواب مع الأمة ; لأن الغنم الواحد لا يكفي عن اثنين فصاعدا اهـ . قال ابن الملك : ولكن إذا ذبح واحد عن أهل بيت بشاة تأدت السنة لجميعهم ، وهذا الحديث قال الشافعي ، وأحمد ، ومالك : والمستحب للرجل أن يقول إذا ذبح أضحية : أضحي هذا عني وعن أهل بيتي ، وكره هذا عند أبي حنيفة اهـ .

وفيه أن نقل الطيبي وابن الملك متنافيان ، وليس في الحديث دلالة على الجواز المنقول ، ولا على منعه ، ولا على الاستحباب المذكور ، بل لما دعا - صلى الله عليه وسلم - لنفسه - وهو رحمة للعالمين - شاركه آله وأمته في قبول أضحياتهم ، أو من مطلق عباداتهم . ( ثم ضحى ) ، أي : فعل الأضحية بذلك الكبش ، وهذا يؤيد تأويلنا قوله : ثم ذبحه ، بأنه أراد ذبحه . وقال الطيبي نقلا عن الأساس : أو غدى ، والظاهر أنه مجاز ، والحمل على الحقيقة أوفى مهما أمكن ، ثم معنى غدى أي : غدى الناس به أي : جعله طعام غداء لهم . ( رواه مسلم ) قال ميرك : وأبو داود .




الخدمات العلمية