الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1631 - وعن عبد الرحمن بن كعب ، عن أبيه قال : لما حضرت كعبا الوفاة أتته أم بشر بنت البراء بن معرور فقالت : يا أبا عبد الرحمن ، إن لقيت فلانا فاقرأ عليه مني السلام ، فقال : غفر الله لك يا أم بشر ، نحن أشغل من ذلك . فقالت : يا أبا عبد الرحمن ، أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن أرواح المؤمنين في طير خضر تعلق بشجر الجنة ؟ قال : بلى . قالت : فهو ذاك . رواه ابن ماجه ، والبيهقي في كتاب البعث والنشور .

التالي السابق


1631 - ( وعن عبد الرحمن بن كعب ، عن أبيه ) قال الطيبي : هو كعب بن عمرو بن عوف المازني الأنصاري شهد بدرا . ( قال ) أي : عبد الرحمن . ( لما حضرت كعبا الوفاة أتته ) أي : كعبا . ( أم بشر بنت البراء بن معرور ) أنصاري خزرجي أول من بايع ليلة العقبة الثانية ، قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بشهر ، ومعرور بفتح الميم وسكون المهملة وضم الراء الأولى . ( فقالت : يا أبا عبد الرحمن ) ، كنية كعب . ( إن لقيت ) أي : بعد موتك . ( فلانا ) [ ص: 1182 ] أي : روحه الظاهر أنها تعني أباها البراء ، ثم رأيت ما يدل على أن المراد به ولدها بشر ، وهو ما أخرج ابن أبي الدنيا عن أبي لبيبة قال : لما مات بشر بن البراء بن معرور وجدت أمه وجدا شديدا فقالت : يا رسول الله ، لا يزال الهالك يهلك من بني سلمة فهل تتعارف الموتى فأرسل إلى بشر بالسلام ؟ قال : نعم والذي نفسي بيده ، إنهم يتعارفون كما يتعارف الطير في رءوس الأشجار ، وكان لا يهلك هالك من بني سلمة إلا جاءته أم بشر فقالت : يا فلان ، عليك السلام . فيقول : وعليك ، فتقول : اقرأ على بشر مني السلام . ( فاقرأ عليه السلام ) وفي رواية فأقرئه مني السلام . ( فقال ) أي لها كما في رواية : ( غفر الله لك يا أم بشر ، نحن أشغل من ذلك . فقالت : يا أبا عبد الرحمن ، أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن أرواح المؤمنين في طير خضر ) ؟ قال الطيبي : جواب عن اعتذاره بقوله : نحن أشغل أي : لست من يشغل عما كلفتك ، بل أنت ممن قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيت وكيت . ( تعلق ) بضم اللام . ( بشجر الجنة ) أي : تتعلق بأشجارها ، وتمتع بأثمارها ، وفي حديث : إن أرواح المؤمنين في حواصل طير خضر ترعى في الجنة ، وتأكل من ثمارها ، وتشرب من مياهها ، وتأوي إلى قناديل من ذهب تحت العرش . قال القرطبي : وذهب بعض العلماء إلى أن أرواح المؤمنين كلهم في الجنة يعني أنه غير مختص بالشهداء ، ولذلك سميت جنة المأوى ; لأنها تأوي إليها الأرواح وهي تحت العرش فيتنعمون بنعيمها ، ويشمون بطيب ريحها . قال الطيبي : الجوهري علقت الإبل العضاة تعلق بالضم إذا تشبثتها وتناولتها بأفواهها ، ومنه الحديث أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تعلق من ورق الجنة اهـ كلامه ، ولعل الظاهر أن يقال : تعلق من شجر الجنة ، وتعديته بالباء تفيد الاتصال لعله كنى به عن الأكل ؛ لأنها إذا اتصلت بشجر الجنة ، وتشبثت لها أكلت من ثمرها . قال النووي : وفيه أن الجنة مخلوقة موجودة ، وهو مذهب أهل السنة . وقال القاضي عياض : وفيه أن الأرواح باقية لا تفنى فينعم المحسن ، ويعذب المسيء به القرآن والآثار اهـ .

وفي رواية : فقالت : أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن نسمة المؤمن تسرح في الجنة حيث شاءت ، ونسمة الكافر في سجين ؟ ( قال : بلى . قالت : فهو ذاك ) وفي نسخة : فهو ذلك . ( رواه ابن ماجه ، والبيهقي في كتاب البعث والنشور ) . قال السيوطي : والطبراني بسند حسن .




الخدمات العلمية