الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1743 - وعن عائشة قالت : لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قتل ابن حارثة وجعفر وابن رواحة ، جلس يعرف فيه الحزن ، وأنا أنظر من صائر الباب تعني شق الباب فأتاه رجل فقال : إن نساء جعفر وذكر بكاءهن فأمره أن ينهاهن ، فذهب ثم أتاه الثانية لم يطعنه فقال : انههن ، فأتاه الثالثة قال : والله غلبننا يا رسول الله ، فزعمت أنه قال : فاحث في أفواههن التراب ، فقلت : أرغم الله أنفك ، لم تفعل ما أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من العناء . متفق عليه .

التالي السابق


1743 - ( وعن عائشة قالت : لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قتل ابن حارثة ) أي : زيد . ( وجعفر ) أي : ابن أبي طالب . ( وابن رواحة ) أي : جاء خبر شهادتهم . ( جلس ) أي : في المسجد . ( يعرف فيه ) أي : في وجهه الوجيه . ( الحزن ) أي : أثره ، وهو بضم الحاء وسكون الزاي وبفتحهما : هم قوت المحبين ، والجملة حال أي : حزينا بمقتضى الأحوال البشرية ، وظاهر الحديث أن جلوسه كان للعزاء ، لكن قال ابن الهمام : يجوز الجلوس للمصيبة ثلاثة أيام ، وهو خلاف الأولى ، ويكره في المسجد اهـ . فلعله محمول على الاختصاص ، أو لبيان الجواز ، أو كان جلوسه في المسجد اتفاقيا . ( وأنا أنظر من صائر الباب ) أي : من ذي صير أي : شق له كلابن وتامر ، ولذا قيل : ( تعني ) أي : تريد عائشة بصائر الباب ) . ( شق الباب بفتح الشين أي : خرقه ، وهذا تفسير للراوي عنها . ( فأتاه رجل فقال ) أي : الرجل . ( إن نساء جعفر ) أي : أهل جعفر . ( وذكر ) أي : الرجل . ( بكاءهن ) الجملة في محل النصب على الحالية ، سادة مسد الخبرية . قال الطيبي : حال من المستتر في : فقال ، وحذفت رضي الله عنها خبر إن من القول المحكي عن نساء جعفر بدلالة الحال ، يعني أن ذلك الرجل قال : إن نساء جعفر فعلن كذا وكذا بما حظره الشرع من البكاء الشنيع ، والنوح الفظيع . ( فأمره أن ينهاهن فذهب ثم أتاه الثانية ) أي : المرة الثانية . ( لم يطعنه ) أي : في ترك البكاء في المرة الأولى . قال الطيبي : حكاية لمعنى قول الرجل أي : فذهب ونهاهن ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال : نهيتهن فلم يطعنني ، يدل عليه قوله في المرة الثالثة : والله ، غلبننا . ( فقال : انههن ) بهمزة وصل مكسورة ، وفتح الهاء أمر من النهي ، أي : امنعهن من البكاء . ( فأتاه الثالثة ) أي : فذهب إليهن ونهاهن ولم يطعنه أيضا ، فأتاه المرة الثالثة . ( قال : والله ) ، غلبننا يا رسول الله كما ورد في حديث هن أغلب . ( فزعمت ) بالغيبة أي : قالت عمرة : فزعمت عائشة . قال الطيبي : إني ظنت ، وقال ابن حجر : أخبرت قال النووي الزعم يطلق على القول المحقق وعلى الكذب المشكوك فيه ، وينزل في كل موضع على ما يليق به اهـ . وظني أنه منها بمعنى الظن ، ويؤيده ما في نسخة بالتكلم أي : قالت عائشة فزعمت أي : ظننت . ( أنه صلى الله عليه وسلم قال : فاحث ) بضم الثاء أمر من الحثي وهو الرمي . ( في أفواههن التراب ) في النهاية احثوا التراب في وجوه المداحين ، كناية عن الخيبة ، وقيل : المراد الحقيقة اهـ . فيكون المراد إذا كنتم قادرين على ذلك ، والظاهر أنه ههنا كناية عن تركهن على حالهن لعدم نفع النصيحة بهن من حال ضجرهن في جزعهن . ( فقلت : أرغم الله أنفك ) في النهاية . قال الطيبي : أي : قالت عائشة للرجل : أذلك الله فإنك آذيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما كففتهن عن البكاء اهـ . وهذا معنى قولها رضي الله عنها : ( لم تفعل ما أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أي : على وجه الكمال في الزجر ، وإلا فقد قام بالأمر حيث نهاهن عن الضجر ، وما أبعد قول ابن حجر : حيث صرف الأمر إلى الحثي في أفواههن . ( ولم تترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من العناء ) بفتح العين المهملة أي : تعب الخاطر من سماع ارتكابهن الكبائر أو الصغائر ، وعدم انزجارهن بالزواجر . ( متفق عليه ) .




الخدمات العلمية