الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( الفصل الثاني )

1846 - عن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " المسائل كدوح يكدح بها الرجل وجهه ، فمن شاء أبقى على وجهه ومن شاء تركه إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان أو في أمر لا يجد منه بدا " . رواه أبو داود والترمذي والنسائي .

التالي السابق


( الفصل الثاني )

1846 - ( عن سمرة بن جندب ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " المسائل " جمع المسألة ، وجمعت لاختلاف أنواعها ، والمراد هنا سؤال أموال الناس ( كدوح ) مثل : صبور للمبالغة من الكدح بمعنى : الجرح ، فالإخبار به عن المسائل باعتبار من قامت به ، أي : سائل الناس أموالهم جارح لهم بمعنى مؤذيهم ، على ما ذكره ابن حجر أو جارح وجهه ، وهو الأظهر فتدبر ، وبضم الكاف جمع كدح ، وهو أثر مستنكر من خدش أو عض ، والجمع هنا أنسب ليناسب المسائل ( يكدح بها الرجل ) أي : يجرح ويشين بالمسائل ( وجهه ) ويسعى في ذهاب عرضه بالسؤال بريق ماء وجهه فهي كالجراحة له ، والكدح قد يطلق على غير الجرح ، ومنه قوله - تعالى - إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ( فمن شاء ) أي : الإبقاء ( أبقى على وجهه ) أي : ماء وجهه من الحياء بترك السؤال والتعفف ( ومن شاء ) أي : عدم الإبقاء ، ( تركه ) أي : ذلك الإبقاء ( إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان ) أي : حكم وملك بيده بيت المال ، فيسأل حقه ، فيعطيه ممن إن كان مستحقا ، قال الطيبي : واختلف في عطية السلطان ، والصحيح إن غلب في يده الحرام من ذلك الجنس لم تحل وإلا حلت يعني : حرم سؤاله ، والأخذ منه كما اختاره الغزالي ، واعتمده النووي في شرح مسلم لكنه بالغ في رده في شرح المهذب ، فيكره ذلك سؤالا وأخذا ، وقد اختلف السلف في قبول عطاء السلطان ، فمنعه قوم ، وأباحه آخرون ( أو في أمر لا يجد منه ) أي : من أجله ( بدا ) أي : علاجا آخر غير السؤال أو لا يجد من السؤال فراقا وخلاصا كما في الحمالة والجائحة والفاقة ; بل يجب حال الاضطرار في العري والجوع ، قال الغزالي : وكذا يجب السؤال على من استطاع الحج فتركه حتى أعسر ، قال ابن حجر : لأنه أوقع نفسه في ورطة الفسق لو مات قبل الحج ، فلزمه أن يخرج عن هذه الزلة المقتضية للفسق بسؤال الأغنياء ما يؤدي به هذا الواجب ، وبهذا يندفع نزاع بعضهم للغزالي في الوجوب ( رواه أبو داود والترمذي والنسائي ) .

[ ص: 1313 ]



الخدمات العلمية