الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2334 - وعن جندب - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدث : " أن رجلا قال : والله لا يغفر الله لفلان ، وأن الله تعالى قال : من ذا الذي يتألى علي أني لا أغفر لفلان ، فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك " . أو كما قال . رواه مسلم .

التالي السابق


2334 - ( وعن جندب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدث ) أي : حكى لأصحابه ( أن رجلا ) : يحتمل أنه من هذه الأمة أو من غيرهم ( قال : والله لا يغفر الله لفلان ) : قاله استكثارا ، أو استكبارا لذنبه ، أو تعظيما لنفسه حين جنى عليه ، كما يصدر عن بعض جهلة الصوفية ( وأن الله تعالى ) : بفتح الهمزة ، أي : وحدث أن الله - تعالى - وبكسرها . أي : والحال أن الله تعالى ( قال : من ذا الذي يتألى علي ) : بفتح الهمزة وتشديد اللام المفتوحة أي : [ ص: 1619 ] يتحكم علي ويحلف باسمي ( أني لا أغفر لفلان فإني قد غفرت لفلان ) أي : رغما لأنفك ( وأحبطت عملك ) : قال المظهر : أي : أبطلت قسمك وجعلت حلفك كاذبا ، لما ورد في حديث آخر : " من يتأل على الله يكذبه " فلا متمسك للمعتزلة أن ذا الكبيرة مع عدم الاستحلال يخلد في النار ، كالكفر يحبط عمله .

قال الطيبي : هذا استفهام إنكار ، والظاهر أن يقال : أنت الذي يتألى علي ، ويدل عليه قوله : وأحبطت عملك ، وإنما عدل عن الخطاب أولا شكاية لصنيعه إلى غيره ، وإعراضا عنه على عكس الحديث السابق ، ولا يجوز لأحد الجزم بالجنة أو النار إلا لمن ورد فيه نص ، كالعشرة المبشرة بالجنة ، فإن قلنا : إن قوله من هذا كفر فأحبطت عملك ، ظاهر . وإن قلنا : إنه معصية فكذا على مذهب المعتزلة ، وأما على مذهب أهل السنة ، فيكون محمولا على التغليظ . اهـ . وفيه أنه يبعد كونه كفرا ، وعلى التنزل فقوله ظاهر أي : على مذهبنا ، لأن في مذهب الشافعي يشترط للإحباط موته على الكفر ، لا يعرف في مذهبه المعتزلي أن كل معصية تحبط جميع الأعمال ، ثم حمله على ما ذكرناه أولى من حمله على التغليظ ، مع أنه لا ينافيه ، والله تعالى أعلم . ( أو كما قال ) : شك الراوي أي : قال الرسول أو غيره ما ذكرته ، أو قال مثل ذلك ، وهو تنبيه على النقل بالمعنى ، وهو الأولى لئلا يتوهم نقل اللفظ أيضا ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية