الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2335 - وعن شداد بن أوس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " سيد الاستغفار أن تقول : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك علي ، وأبوء بذنبي فاغفر لي ، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت " . قال : " ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة " . رواه البخاري .

التالي السابق


2335 - ( وعن شداد بن أوس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( سيد الاستغفار ) : قال الطيبي : استعير لفظ السيد من الرئيس المقدم الذي يعمد إليه في الحوائج لهذا الذي هو جامع لمعاني التوبة كلها ، وقد سبق أن التوبة غاية الاعتذار . اهـ . وتبعه ابن حجر ، وهو يفيد أن المراد بالاستغفار إنما هو التوبة ، والظاهر من الحديث الإطلاق ، مع أن جامعيته لمعاني التوبة ممنوعة كما لا يخفى ، إذ ليس فيه إلا الاعتراف بالذنب الناشئ عن الندامة ، وأما العزم على أن لا يعود وأداء الحقوق لله والعباد ، فلا يفهم منه أصلا ( أن تقول ) أي : أيها الراوي ، أي أيها المخاطب خطابا عاما ( اللهم أنت ربي ) : أي : ورب كل شيء بالإيجاد والإمداد ( لا إله إلا أنت ) أي : للعباد ( خلقتني ) : استئناف بيان للتربية ( وأنا عبدك ) أي : مخلوقك ومملوكك ، وهو حال كقوله : ( وأنا على عهدك ووعدك ) أي : أنا مقيم على الوفاء بعهد الميثاق ، وأنا موقن بوعدك يوم الحشر والتلاق ( ما استطعت ) أي : بقدر طاقتي ، وقيل : أي على ما عاهدتك ووعدتك من الإيمان بك ، والإخلاص من طاعتك ، وأنا مقيم على ما عهدت إلي من أمرك ومتمسك به ومنجز وعدك في المثوبة والأجر عليه ، واشتراط الاستطاعة اعتراف بالعجز والقصور عن كنه الواجب في حقه تعالى ، أي : لا أقدر أن أعبدك حق عبادتك ، لكن أشهد بقدر طاقتي . وقال صاحب النهاية : واستثنى بقوله : ما استطعت موضع القدر السابق لأمره أي : إن كان قد جرى القضاء على أن أنقض العهد يوما ، فإني لا أميل عند ذلك إلى الاعتذار بعدم الاستطاعة في دفع ما قضيت . ( أعوذ بك من شر ما صنعت ) أي : من أجل شر صنعي بأن لا تعاملني بعملي ( أبوء لك ) أي : ألتزم وأرجع وأقر ( بنعمتك علي وأبوء بذنبي ) : قال ابن حجر : أي : الذنب العظيم الموجب للقطيعة لولا واسع عفوك وجامع فضلك . اهـ . وهو ذهول وغفلة منه أن هذا لفظ النبوة ، وهو معصوم حتى عن الزلة . وأغرب‌‌‌‌ من هذا أنه طعن في عبارة الطيبي ، مع كمال حسنها حيث قال : اعترف أولا بأنه تعالى أنعم عليه ولم يقيده ليشمل كل الإنعام ، ثم اعترف بالتقصير ، وأنه لم يقم بأداء شكرها ، وعده ذنبا مبالغة في هضم النفس تعليما للأمة ( فاغفر لي ، فإنه لا يغفر الذنوب ) أي : ما عدا الشرك ( إلا أنت " . قال ) أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - ( ومن قالها ) أي : هذه الكلمات ( من النهار ) أي : في بعض [ ص: 1620 ] أجزائه ( موقنا بها ) : نصب على الحال أي : حال كونه معتقدا لجميع مدلولها إجمالا أو تفصيلا ( فمات من يومه ) : احتيج إليه مع كون الفاء للتعقيب ، لأن تعقيب كل شيء بحسبه كتزوج فولد له ، وهذا لا يوجب قولها في ذلك اليوم ( قبل أن يمسي ) أي تغرب شمسه ، فهو زيادة إيضاح وتأكيد ( فهو من أهل الجنة ) أي : يموت مؤمنا فيدخل الجنة لا محالة ، أو مع السابقين ( ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة ) . ( رواه البخاري ) ، وكذا النسائي ، وفي رواية البزار على ما ذكره في الحصن : سيد الاستغفار أن يقول الرجل إذا جلس في صلاته .




الخدمات العلمية