الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2353 - وعن بلال بن يسار بن زيد - رضي الله عنه - مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : حدثني أبي ، عن جدي أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من قال : أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له ، وإن كان قد فر من الزحف " . رواه الترمذي ، وأبو داود ، لكنه عند أبي داود : هلال بن يسار ، وقال الترمذي : هذا حديث غريب .

التالي السابق


2353 - ( وعن بلال ) : بالموحدة ( ابن يسار ) : بالتحتية ( ابن زيد مولى النبي ) : بيان لزيد ، وفي نسخة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال الجزري في تصحيح المصابيح : ليس زيد هذا زيد بن حارثة والد أسامة ، بل هو أبو يسار . روى عنه ابنه يسار هذا الحديث ، ذكره البغوي في معجم الصحابة وقال : لا أعلم له غير هذا الحديث . وقال ابن حجر في التقريب : زيد والد يسار مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - صحابي له حديث ، وذكر أبو موسى المديني وكان عبدا نوبيا ( قال ) أي : بلال ( حدثني أبي ) أي : يسار ( عن جدي ) أي : زيد ( أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من قال : أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ) : روي بالنصب على الوصف للفظ الله ، وبالرفع لكونهما بدلين ، أو بيانين لقوله هو ، والأول هو الأكثر والأشهر . وقال الطيبي : يجوز في الحي القيوم النصب صفة لله أو مدحا ، والرفع بدلا من الضمير ، أو على المدح ، أو على أنه خبر مبتدأ محذوف . ( وأتوب إليه ) : ينبغي أن لا يتلفظ بذلك إلا إن كان صادقا ، وإلا يكون بين يدي الله كاذبا منافقا ، ولذا روي : إن المستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه . ( غفر له وإن كان فر ) : وفي نسخة صحيحة " قد فر " وهو مطابق لما في الحصن أي : هرب ( من الزحف ) : قال الطيبي : الزحف الجيش الكثير الذي يرى لكثرته كأنه يزحف . قال في النهاية : من زحف الصبي إذا دب على " استه " قليلا قليلا . قال المظهر : هو اجتماع الجيش في وجه العدو أي : من حرب الكفار حيث لا يجوز الفرار بأن لا يزيد الكفار على المسلمين مثلي عدد المسلمين ، ولا نوى التحرف والتحيز ، وأغرب ابن الملك حيث ذكر في شرح المصابيح قيل : هذا يدل على أن الكبائر تغفر بالتوبة والاستغفار . اهـ . وهو إجماع بلا نزاع . ( رواه الترمذي ، وأبو داود ، لكنه ) أي : الشأن ( عند أبي داود ) : بدل بلال بن يسار ( هلال بن يسار ) : بالرفع على الإعراب ، وبالجر على الحكاية ( وقال الترمذي : هذا حديث غريب ) أي : لا نعرفه إلا من هذا الوجه يعني طريق بلال بن يسار بن زيد .

قال الحافظ المنذري : إسناده جيد متصل ، فقد ذكر البخاري في تاريخه أن بلالا سمع أباه يسارا ، وهو سمع من أبيه زيد مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد اختلف في يسار والد بلال أنه بالباء الموحدة ، أو بالياء المثناة التحتانية ، وذكر البخاري في تاريخه أنه بالموحدة ، والله تعالى أعلم . ورواه الحاكم ، عن ابن مسعود وقال : على شرطهما إلا أنه قال : يقولها ثلاثا . اهـ .

[ ص: 1632 ] والمفهوم من الحصن بزيادة ثلاث مرات في رواية الترمذي ، وابن حبان من حديث زيد المذكور ، والطبراني موقوفا من قول ابن مسعود . وقال صاحب السلاح : رواه الترمذي من حديث أبي سعيد ، وقال فيه : ثلاث مرات . اهـ . أقول : رواه الترمذي من حديث أبي سعيد بلفظ : " من قال حين يأوي إلى فراشه أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ، وأتوب إليه ثلاث مرات غفر الله له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر ، وإن كانت عدد ورق الشجر ، وإن كانت عدد رمل عالج ، وإن كانت عدد أيام الدنيا " ، وليس فيه ذكر الفرار من الزحف ، ثم قال الترمذي بعد إيراده : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، ذكره ميرك .




الخدمات العلمية