الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2455 - ( وعن ) أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : قلنا يوم الخندق ) : يا رسول الله ) هل من شيء نقوله ؟ فقد بلغت القلوب الحناجر . قال : ( نعم ، اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا ) . قال : فضرب الله وجوه أعدائه بالريح وهزم الله بالريح ) . رواه أحمد . ) .

التالي السابق


2455 - ( وعن أبي سعيد الخدري قال : قلنا يوم الخندق ) أي يوم الأحزاب في المدينة ، وسبب حفر الخندق ، أنه لما بلغه - صلى الله عليه وسلم - أن أهل مكة تحزبوا لحربه ، وجمعوا من مشركي العرب ، وأهل الكتاب ما لا طاقة له بهم ، فاستشار أصحابه ، فأشار سلمان - رضي الله عنه - بحفره ، كما هو عرف بلادهم إذا قصدهم العدو الذي لا طاقة لهم بهم حول المدينة ، ليمنعهم دخولها بغتة ، ويستأمن به المسلمون على نسائهم وأولادهم ، فحفره هو وأصحابه بضعة عشر يوما ، ورأوا فيها من الشدة والجوع والمعجزات ما هو مسطور في محله . ( يا رسول الله ! هل من شيء نقوله ؟ ) : أي : في حالة الشدة الشديدة ( فقد بلغت القلوب الحناجر ) : كناية عن بلوغ الأمر في الشدة غايتها ، وفي المحنة نهايتها ، في معالم التنزيل ، أي : فزالت عن أماكنها حتى بلغت الحلقوم من الفزع ، والحنجرة فوق الحلقوم ، وهذا على سبيل التمثيل عبر به عن شدة الخوف . ( قال : " نعم " ) أي قولوا ( اللهم استر عوراتنا ) : أي : فزعات قلوبنا ، ( وآمن روعاتنا . قال ) : أي : أبو سعيد ( فضرب الله ) : أي : بعدما قال لهم وقالوا دفع الله وصرف عن مقاتلة المسلمين ومقابلتهم ( وجوه أعدائه بالريح ) : بأن جعلها مسلطة عليهم حتى كفأت قدورهم وألقت خيامهم ، ووقعوا في برد شديد وظلمة عظيمة . ( وهزم الله ) : بالواو العاطفة ، وفي بعض النسخ بتركها ، والمعنى هزمهم ، فيكون استئنافا لضرب أو بدلا منه ، ( بالريح ) : قال الطيبي : الظاهر أن يقال : فانهزموا بها ، فوضع المظهر موضع المضمر ليدل به على أن الريح كانت سببا لإنزال الرجز ، وأقحم لفظ الله يدل به على قوة ذلك السبب ، وتعقبه ابن حجر بما لا طائل تحته . ( رواه أحمد ) .

[ ص: 1703 ]



الخدمات العلمية