الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2836 - وعنه قال نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة والمعاومة وعن الثنيا ورخص في العرايا . رواه مسلم .

التالي السابق


2836 - ( وعنه أي عن جابر قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة ) وقد سبق معانيها ( والمعاومة ) وفي نسخة : وعن المعاومة وهي مفاعلة من العام كالمسانهة من السنة والمشاهرة من الشهر في النهاية هي بيع ثمر النخل أو الشجر سنتين أو ثلاثا فصاعدا قبل أن تظهر ثماره وهذا البيع باطل لأنه بيع ما لم يخلق فهو كبيع الولد قبل أن يخلق . يقال : عاومت النخلة إذا حملت سنة ولم تحمل أخرى وهي مفاعلة من العام بمعنى السنة ( وعن الثنيا ) بضم المثلثة وسكون النون وبالنتيجة اسم من الاستثناء ويستثنى منه ما يعلم منه كما سيأتي في الهداية . وفي الحديث : " من استثنى فله ثنياه " على وزن الدنيا أي ما استثناه . قال محب السنة : الثنيا أن يبيع ثمر حائط ويستثني منه جزءا غير معلوم القدر فيفسد لجهالة المبيع وقال القاضي : المقتضى للنبي فيه إفضاؤه إلى جهالة قدر المبيع ولهذا قال الفقهاء لو قال بعت منك هذه الصبرة إلا صاعا وكانت مجهولة الصيعان فسد العقد لأنه خرج المبيع عن كونه معلوم القدر عيانا أو تقديرا أما لو باعها واستثنى منها سهما معينا كالثلث أو الربع صح لحصول العلم بقدره على الإشاعة ( ورخص في العرايا ) جمع عرية بتشديد الياء في الفالق العرية النخلة التي يعريها الرجل محتاجا أي يجعل له ثمرتها فرخص للمعري أن يبتاع ثمرتها لثمر لموضع حاجته من المعري سميت عرية لأنه إذا ذهب [ ص: 1929 ] ثمرها فكأنه جردها من الثمرة وعراها منها ثم اشتق منها الإعراء . قال النووي : العرية أن يخرص الخارص نخلات يقول هذا الرطب إذا يبس يحصل منه ثلاثة أوسق من التمر مثلا فيبيعه لغيره بثلاثة أوسق تمرا ويتقابضان في المجلس فيسلم المشترى الثمر ويسلم البائع النخل ، وهذا فيما دون خمسة أوسق ، ولا يجوز فيما زاد عليه ، وفي جوازه في خمسة أوسق قولان للشافعي أصحهما يجوز لأن الأصل تحريم بيع التمر بالرطب ، وجاء في العرايا رخصة ، والأصح جوازه للأغنياء والفقراء ، وفى غير الرطب والعنب من الثمار وفي قول ضعيف أنه مختص بالفقراء اهـ . روي أن فقراء المدينة جاءوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا يا رسول الله قد نهيت عن بيع الرطب بالتمر وليس عندنا الذهب والفضة فنشتري الرطب ونشتهيه ، فرخص لهم في ذلك ، فكانوا يشترون الرطب بما عندهم من ثمر بقي من قوت سنتهم . لكن المعتمد عند الأصوليين أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية