الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3347 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا صنع لأحدكم خادمه طعامه ، ثم جاءه به وقد ولي حره ودخانه فليقعده معه فليأكل ، فإن كان الطعام مشفوها قليلا فليضع في يده منه أكلة أو أكلتين . رواه مسلم .

التالي السابق


3347 - ( وعن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا صنع " ) : أي طبخ لأحدكم خادمه ) : أي عبده أو أمته أو مطلقا ( طعامه ) : أي طعاما له ، وفي نسخة طعاما ( ثم جاء ) : أي جاءه كما في نسخة صحيحة ( به ) أي بطعامه ( وقد ولي بكسر اللام المخففة أي والحال أنه قد تولى أو قرب ( حره ) : أي ناره أو تعبه ( ودخانه ) : تخصيص بعد تعميم أو الأول مخصوص ببعض الجوارح والثاني ببعض آخر ( فليقعده معه ) : أمر من الإقعاد للاستحباب ( فليأكل ) : أي معه ، ولا يستنكفه كما هو دأب الجبابرة فإنه أخوه ، وأيضا أفضل الطعام ما كثرت عليه الأيدي على ما ورد . قال التوربشتي : قوله : ولي يجوز أن يكون من الولاية أي تولى ذلك ، وأن يكون من الولي وهو القرب والدنو ، والمعنى أنه قاسى كلفة اتخاذه وحملها عنك فينبغي أن تشاركه في الحظ منه ، ( فإن كان الطعام مشفوها ) : أي كثيرا آكلوه فقوله ( قليلا ) : حال ، وقيل : المشفوه القليل ، من قولهم رجل مشفوه إذا كثر سؤال الناس إياه حتى نفذ ما عنده ، وماء مشفوه إذا كثر نازلوه فاشتقاقه من الشفه فقليلا بدل منه أو تفسير له ، كذا حققه بعض الشارحين من أئمتنا . وفي الفائق : المشفوه القليل ، وأصل الماء الذي كثرت عليه الشفاه حتى قل ، وقيل : أراد أنه كان مكثورا عليه أي كثرت أكلته . قال التوربشتي : على قول من يفسر المشفوه بالقليل فقليلا بدل منه ، ويحتمل أن يكون تفسيرا له ( فليضع ) : أي المخدوم ( في يده ) : أي في يد الخادم ( منه ) أي من الطعام ( أكلة أو أكلتين ) أو للتنويع أو بمعنى بل ، وسببه أن لا يصير محروما فإن ما لا يدرك كله لا يترك كله ، والأكلة بضم الهمزة ما يؤكل دفعة وهو اللقمة ، في القاموس والنهاية : والأكلة بالضم اللقمة المأكولة وبالفتح المرة من الأكل ، وفي الفائق : الأكلة بالفتح اللقمة . قال النووي رحمه الله : الأكلة فيهما بضم الهمزة وفيه الحث على مكارم الأخلاق والمواساة في الطعام لا سيما في حق من صنعه أو حمله ; لأنه ولي حره ودخانه وتعلقت به نفسه وشم رائحته وهذا كله محمول على الاستحباب . ( رواه مسلم ) وفي الجامع الصغير بلفظ : ( إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه قد كفاه علاجه ودخانه فليجلسه معه فإن لم يجلسه فليناوله أكلة أو أكلتين أخرجه الشيخان ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه ، عن أبي هريرة .




الخدمات العلمية