الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3860 - وعن ابن عائذ رضي الله عنه ، قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة رجل ، فلما وضع قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لا تصل عليها يا رسول الله ! فإنه رجل فاجر ، فالتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس ، فقال : هل رآه أحد منكم على عمل الإسلام ؟ " فقال رجل : نعم ، يا رسول الله ! حرس ليلة في سبيل الله ، فصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحثا عليه التراب ، وقال : " أصحابك يظنون أنك من أهل النار ، وأنا أشهد أنك من أهل الجنة " وقال : " يا عمر ! إنك لا تسأل عن أعمال الناس ; ولكن تسأل عن الفطرة " . رواه البيهقي في شعب الإيمان .

التالي السابق


3860 - ( وعن ابن عائذ ) : اسم فاعل من العوذ ( رضي الله عنه ) : قال المؤلف : هو عائذ بن عمرو المدني من أصحاب الشجرة ، سكن البصرة ، وحديثه في البصريين ، روى عنه جماعة ( قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة رجل ) : بفتح ، أو كسر ( فلما وضع ) : أي : الميت ، أو النعش ، وأراد أنه - صلى الله عليه وسلم - يصلي عليه ( قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لا تصل عليه يا رسول الله ! فإنه رجل فاجر ) : أي : منافق ، أو فاسق ، ليكون زجرا لأمثالهم وردعا عن أعمالهم ( فالتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس ، فقال : هل رآه أحد منكم على عمل الإسلام ؟ ) ; أي : على عمل يدل على إسلامه الحقيقي ( فقال رجل : نعم ، يا رسول الله ! حرس ليلة في سبيل الله ) : أي : ولم يكن هناك باعث من الرياء ، بل كان لوجه الله . ( فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحثا عليه التراب ) : أي : بيديه الكريمتين مرة ، أو مرتين [ ص: 2498 ] ترغيبا لأمته على أعمال الإسلام ، وإظهارا للرحمة على عموم الأنام ، في المغرب : حثيت التراب وحثوته إذا قبضته ورميته اه . يجوز كتابة حثا بالياء والألف كما لا يخفى ( وقال ) : أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( أصحابك ) : أي : بعضهم ، أو كلهم ( يظنون أنك من أهل النار ) : لكونهم مما غلب عليهم الخوف ( وأنا أشهد أنك من أهل الجنة ) : نظرا إلى حسن الظن بالله وسعة الرحمة ( وقال : يا عمر ! إنك لا تسأل ) : بصيغة المجهول ( عن أعمال الناس ) : أي : من المعاصي ، وفي نسخة زيادة : في الإسلام ; أي : في حال حصول إسلامهم وتحقق ; إيمانهم ( ولكن تسأل عن الفطرة ) ; أي : عما يدل على الإسلام من شعائر الدين ، وعلامات اليقين ، والمقصود منع عمر عما أقدم عليه ، فإن الاعتبار بالفطرة والاعتماد على الاعتقاد والله رءوف بالعباد . قال الطيبي قوله : عن الفطرة ; أي : عن الإسلام وأعمال الخير ، لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه " يعني أنت يا عمر مثلك لا يخبر في مثل هذا الموطن عن أعمال الشر للموتى ، بل أخبر عن أعمال الخير ، كما قال : " اذكروا موتاكم بالخير " فوضع لا تسأل موضع لا تخبر لئلا يسأل أحد ذلك ، ولا يخبر نفيا للسؤال بالكلية ، فينتفي الإخبار أيضا ، ولذلك سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أعمال الخير بقوله : هل رآه أحد على عمل الإسلام " وشهد له بالجنة لحراسته ، فاكتفى بالحراسة عن غيرها من الأعمال الصالحة ترجيحا للفطرة على الأعمال السيئة اه . وظاهر كلامه أن قوله : تسأل بصيغة الفاعل في الموضعين ، وهو الظاهر في المعنى ، والله أعلم بحقيقة المبنى . ( رواه البيهقي في شعب الإيمان ) .




الخدمات العلمية