الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
400 - وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله : في طهوره وترجله وتنعله . متفق عليه .

التالي السابق


400 - ( وعن عائشة قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب التيمن ) : أي : البدء بالأيامن من اليد والرجل والجانب الأيمن ، لكن التيمن في اللغة المشهورة هو التبرك بالشيء من اليمن وهو البركة . في القاموس : اليمن بالضم البركة ، وفي مختصر النهاية : اليمن البركة وضده الشؤم والتيمن الابتداء في الأفعال باليد اليمنى والرجل اليمنى والجانب الأيمن ( ما استطاع ) : أي : ما أمكنه وقدر عليه ( في شأنه ) : أي : في أمره ( كله ) : تأكيد والمراد الأمور المكرمة ( في طهوره ) : بالضم ويفتح والمراد به المصدر ، ويستثنى منها الاستنجاء وندب التيمن في الطهور مجمع عليه بأن يغسل يده اليمنى قبل اليسرى ، وكذا في الرجلين وفي الغسل على شقه الأيمن قبل الأيسر ، وفي معناه السواك والأكل والشرب والمصافحة والأخذ والعطاء ودخول المسجد ، ومنه رعاية من على يمينه في المناولة ونحوها ( وترجله ) : أي : امتشاطه الشعر من اللحية والرأس ، ومثله قص الشارب وحلق الرأس والعانة ونتف الإبط وتقليم الظفر كذا قاله ابن حجر . والأظهر إدخالها في الطهور فإنها من باب تطهير البدن كما لا يخفى ( وتنعله ) : أي : لبس نعله ، مثله لبس الخف والثوب والسراويل ونحوها . ومفهوم الحديث أنه يحب التياسر في شأنه كله الذي هو من غير التكريم ومر التصريح بذلك في رواية ، ومنه دخول الخلاء والسوق ومحل المعصية والخروج من المسجد والامتخاط والبصاق والاستنجاء وخلع الثوب والنعل ونحوها . وفي الحقيقة يرجع هذا كله إلى تكريم اليمين ، ففي تقديم اليسار في الخروج من المسجد إبقاء لليمين في الموضع الأشرف تلك السويعة ، وكذا في تقديم اليسار حين الدخول في الخلاء ، وعلى هذا القياس قال الطيبي : وقوله : في طهوره إلخ بدل من قوله في شأنه بإعادة العامل ، ولعله عليه الصلاة والسلام إنما بدأ فيها بذكر الطهور لأنه مفتاح لأبواب الطاعات كلها ، فبذكره يستغنى عنها كما سبق في قوله : الطهور شطر الإيمان ، وثنى بذكر الترجل وهو يتعلق بالرأس ، وثلث بالتنعل وهو مختص بالرجل ليشمل جميع الأعضاء والجوارح ، فيكون كبدل الكل من الكل اهـ . قال ميرك : وفي بعض ألفاظه تأمل اهـ . والذي يظهر أن محل التأمل إنما هو قوله : لعله عليه الصلاة والسلام إنما بدأ فإنه موهم أنه من كلامه عليه الصلاة والسلام ، والحال أنه ليس كذلك بل أصل الكلام والأبدال جميعا من قول عائشة رضي الله تعالى عنها ( متفق عليه ) . قال ميرك : لكن في مسلم بغير هذا اللفظ .




الخدمات العلمية