الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثاني

4081 - عن عدي بن حاتم رضي الله عنه ، قال : قلت : يا رسول الله ! أرأيت أحدنا أصاب صيدا وليس معه سكين أيذبح بالمروة وشقة العصا ؟ فقال : " أمرر الدم بم شئت ، واذكر اسم الله " . رواه أبو داود ، والنسائي .

التالي السابق


الفصل الثاني

4081 - ( عن عدي بن حاتم رضي الله عنه ، قال : قلت : يا رسول الله ! أرأيت ) أي : أخبرني ( أحدنا ) : بالرفع في الأصول المعتمدة على أنه مبتدأ خبره جملة ( أصاب صيدا وليس معه سكين ) : جملة حالية من ضمير أصاب ، والجملة الأولى في محل نصب بأرأيت ، ومحط الاستخبار قوله : ( أيذبح ) أي : أحدنا المذكور ( بالمروة ) : وفي نسخة بنصب أحدنا ، وكأنه مأخوذ من ظاهر قول الطيبي أي : أخبر أحدنا ، والمستخبر عنه قوله : أيذبح بالمروة وهي الحجارة البيضاء ، وبه سميت مروة مكة اهـ . وفي المغرب : المروة حجر أبيض رقيق ، وقد يسمى بها الجبل المعروف . وقال شارح : هي حجر أبيض رقيق يجعل منه كالسكين ويذبح بها . ( وشقة العصا ؟ ) : بكسر الشين أي : شظية تتشظى منها ، واعلم أنه قال الطيبي في حاشية الكشاف عند قوله تعالى : ( أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى ) أن الموصول مع الجملة الشرطية هما في موضع المفعولين ; لأنهما مبتدأ والخبر شرط وجزاء . وقال أبو حيان : وما قرره الزمخشري من أن جملة الشرطية في موضع المفعول الواحد ، والموصول هو الآخر ليس بجار على ما قررناه في شرح التسهيل وعندنا أن المفعول الثاني لأرأيت لا يكون إلا جملة استفهامية كقوله تعالى : ( أفرأيت الذي تولى وأعطى قليلا وأكدى ) أعنده علم الغيب ؟ وقوله تعالى : ( أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا ) أطلع الغيب . وقوله عز وجل : ( أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ) وهو في القرآن كثير ، فتخرج هذه الآية على ذلك القانون اهـ . فكذلك نحن نخرج هذا الحديث على قانون تلك الآيات موافقة بين الكتاب والسنة ولفظا ومعنى وإعرابا وبيانا . ( فقال ) أي : النبي : صلى الله عليه وسلم ( أمرر الدم ) : أمر من [ ص: 2652 ] الإمرار بالفك ، وفى نسخة أمر بالإدغام وهو بفتح الراء ، ويجوز كسرها ، وفي نسخة بكسر همزة الوصل وسكون الميم وكسر الراء أمر من مرى يمري إذا مسح الضرع ، والمعنى سيله ، واعتمد عليه شارح وقال : وتشديد الراء من الإمرار لحن ، ثم قال : ويروى أمر بفتح همزة القطع يعني وبكسر الميم وكسر الراء المخففة من أمار الدم أي : أجراه ومار بنفسه أي : جرى اهـ . وهو كذا في نسخة . وقال الخطابي : أصحاب الحديث يروون هذا الحديث أمر الدم شدد الراء وهو غلط ، وإنما هو بتخفيف الراء من مرى يمري ، وروى بعضهم بتحريك الميم وقطع الألف من أمار الذي هو أفعل من مار الدم مورا إذا جرى . وقال التوربشتي : يلحن كثير من المحدثين في هذا اللفظ ، ويشددون الراء ويحركون الميم ظنا منهم أنه من الإمرار ، وليس بقويم ، وإنما هو بتخفيف الراء من مرى يمري إذا مسح الضرع ليدر ، والمعنى استخراج الدم وسيله وهو من قول الخطابي . قال صاحب الجامع : والذي قرأته في كتاب أبي داود براءين مظهرتين بغير إدغام ، وفي إحدى روايات النسائي كذلك ، وقال في النهاية : وفي حديث آخر كإمرار الحديد على الطست الجديد أمررت الشيء أمره إمرارا إذا جعلته بمرأى ليذهب يريد كجر الحديد على الطست اهـ . كلامه ، فعلى هذا يكون الدم عبارة عن سيلانه ; لأن سيلانه مستلزم لإمراره ، والله أعلم اهـ . ما ذكره الطيبي : وفي القاموس : مر الشيء استخرجه ، وأماره أي : أساله ، ولا شك أن هذه المعاني أنسب بالمقام ، وقوله : ( بم شئت ) أي : بما شئت ، حذف الألف من ( ما ) الاستفهامية أي : أنهر الدم بأي شيء شئت ما عدا السن والظفر . ( واذكر اسم الله ) أي : عليه ( رواه أبو داود ، والنسائي ) .




الخدمات العلمية