الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        تناقض عبيد الله بن الحسن ثم نصير إلى عبيد الله بن الحسن ، وقد كان ولي قضاء البصرة فنهج من قبيح مذاهبه وشدة تناقض قوله ، على ما هو أولى بأن يكون تناقضا مما أنكروه ، وذلك أنه كان يقول : إن القرآن يدل على الاختلاف ، فالقول بالقدر صحيح وله أصل في الكتاب ، والقول بالإجبار صحيح وله أصل في الكتاب ، ومن قال بهذا فهو مصيب ، ومن قال بهذا فهو مصيب ؛ لأن الآية الواحدة ربما دلت على وجهين مختلفين واحتملت معنيين متضادين .

        وسئل يوما عن أهل القدر وأهل الإجبار فقال كل مصيب ، هؤلاء قوم عظموا الله وهؤلاء قوم نزهوا الله .

        قال : وكذلك القول في الأسماء فكل من سمى الزاني مؤمنا فقد [ ص: 96 ] أصاب ، ومن سماه كافرا فقد أصاب ، ومن قال هو فاسق وليس بمؤمن ولا كافر فقد أصاب ، ومن قال هو منافق ليس بمؤمن ولا كافر فقد أصاب ، ومن قال هو كافر وليس بمشرك فقد أصاب ، ومن قال هو كافر مشرك فقد أصاب ، لأن القرآن قد دل على كل هذه المعاني .

        قال : وكذلك السنن المختلفة ، كالقول بالقرعة وخلافه ، والقول بالسعاية وخلافه ، وقتل المؤمن بالكافر ولا يقتل مؤمن بكافر ، وبأي ذلك أخذ الفقيه فهو مصيب .

        قال : ولو قال قائل إن القاتل في النار كان مصيبا ، ولو قال هو في الجنة كان مصيبا ، ولو وقف فيه وأرجأ أمره كان مصيبا ، إذ كان إنما يريد بقوله إن الله تعالى تعبده بذلك ، وليس عليه علم المغيب .

        وكان يقول في قتال علي لطلحة والزبير وقتالهما له : إن ذلك كله طاعة لله تعالى ، وفي هذا القول من التناقض والخلل ما ترى ، وهو رجل من أهل الكلام والقياس وأهل النظر .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية