الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        صاحب البكرية قال أبو محمد : ثم نصير إلى بكر صاحب البكرية وهو من أحسنهم حالا في التوقي فنجده يقول : من سرق حبة من خردل ثم مات غير تائب من ذلك ، فهو خالد في النار مخلد أبدا مع اليهود والنصارى .

        [ ص: 97 ] وقد وسع الله تعالى للمسلم أن يأكل من مال صديقه وهو لا يعلم ، ووسع لداخل الحائط أن يأكل من ثمره ولا يحمل ووسع لابن السبيل إذا مر في سفره بغنم وهو عطشان أن يصيب من رسلها .

        فكيف يعذب من أخذ حبة من خردل لا قدر لها ويخلده في النار أبدا ؟ وأي ذنب هو أخذ حبة من خردل حتى يكون منه توبة ؟ أو يقع فيه إصرار ، وقد يأخذ الرجل الخلال من حطب أخيه والمدر من مدره ويشرب الماء من حوضه ، وهذا أعظم قدرا من الحبة .

        وكان يقول إن الأطفال لا تألم فإذا سئل فقيل له فما باله يبكي إذا قرص أو وقعت عليه شرارة ، قال : إنما ذلك عقوبة لأبويه والله تعالى أعدل من أن يؤلم طفلا لا ذنب له . فإذا سئل عن البهيمة وألمها وهي لا ذنب لها ، قال : إنما آلمها الله تعالى لمنفعة ابن آدم لتنساق ولتقف ولتجري إذا احتاج إلى ذلك منها ، وكان من العدل عنده أن يؤلمها لنفع غيرها وربما قال بغير ذلك .

        وقد خلطوا في الرواية عنه ، وكان يقول : شرب نبيذ السقاء الشديد من السنة ، وكذلك أكل الجدي والمسح على الخفين .

        [ ص: 98 ] والسنة إنما تكون في الدين ، في المأكول والمشروب ، ولو أن رجلا لم يأكل البطيخ بالرطب دهره وقد أكله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو لم يأكل القرع وقد كان يعجب النبي - صلى الله عليه وسلم - نقل أنه ترك السنة .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية