الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  ( 25 ) حدثنا مطلب بن شعيب الأزدي ، ثنا عبد الله بن صالح ، حدثني الليث ، حدثني عبد الرحمن بن خالد بن مسافر ، عن ابن شهاب ، عن عوف بن الحارث بن طفيل ، وهو ابن أخي عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم لأمها - ، أن عائشة حدثته ، أن عبد الله بن الزبير قال في بيع أو عطاء أعطته عائشة : والله لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها ، فقالت : هو قال هذا ؟ قالوا : نعم ، قالت عائشة : فهو لله نذر أن لا أكلم ابن الزبير كلمة أبدا ، فاستشفع ابن الزبير إليها حين طالت هجرتها إياه ، فقالت : والله لا أشفع فيه أحدا أبدا ، ولا أحنث نذري الذي نذرت أبدا ، فلما طال ذلك على ابن الزبير كلم المسور بن مخرمة ، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث - وهما من بني زهرة - فقال لهما : أنشدكما الله إلا أدخلتماني على عائشة ، فإنه لا يحل لها أن تنذر قطيعتي ، فأقبل به المسور بن مخرمة ، وعبد الرحمن بن الأسود مشتملين عليه بأرديتهما حتى استأذنا على عائشة ، فقالا : السلام على النبي ورحمة الله ، أندخل ؟ قالت عائشة : ادخلوا ، قالوا : [ ص: 23 ] كلنا يا أم المؤمنين ؟ قالت : نعم ادخلوا كلكم - ولا تعلم عائشة أن معهما ابن الزبير - فلما دخلوا دخل ابن الزبير الحجاب فاعتنق عائشة وطفق يناشدها ويبكي ، وطفق المسور ، وعبد الرحمن يناشدان عائشة إلا ما كلمته وقبلت منه ، ويقولان : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عما قد علمت من الهجرة ، فإنه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال " ، فلما أكثروا على عائشة التذكرة ، والتحريج طفقت تذكرهم وتبكي وتقول : إني قد نذرت والنذر شديد ، فلم يزالوا بها حتى كلمت ابن الزبير فأعتقت في نذرها أربعين رقبة ، ثم كانت تذكر نذرها ذلك بعدما أعتقت أربعين رقبة ، وتبكي حتى تبل دموعها خمارها .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية