الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  ( 958 ) حدثنا حفص بن عمر بن الصباح الرقي ، ثنا أبو معمر [ ص: 389 ] عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المنقري ، ثنا عبد الوارث بن سعيد ، حدثني حسين بن ذكوان المعلم ، حدثني ابن بريدة ، حدثني عامر بن شراحيل الشعبي ، شعب همدان أنه سأل فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس ، وكانت من المهاجرات الأول ، قال : حدثيني حديثا سمعتيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسنديه إلى أحد غيرك ، قالت : لئن شئت لأفعلن ، قال لها : أجل حدثيني ، قالت : سمعت نداء منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي : الصلاة جامعة ، فخرجت إلى المسجد ، فصليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت في صف النساء الذي يلي ظهور القوم ، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته جلس على المنبر وهو يضحك ، فقال : " ليلزم كل إنسان مصلاه " ، ثم قال : " هل تدرون لم جمعتكم ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : " إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة ولكن جمعتكم لأن تميما الداري كان رجلا نصرانيا ، فجاء فبايع وأسلم ، وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال ، حدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلا من لخم ، وجذام ، فلعب بهم الموج شهرا في البحر ، ثم ارفضوا إلى الجزيرة في البحر حيث مغرب الشمس ، فجلسوا في قارب السفينة فدخلوا الجزيرة ، فلقيتهم دابة أهلب كثيرة الشعر لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر ، فقالوا : ويلك ما أنت ؟ قالت : أنا الجساسة ، قالوا : وما الجساسة ؟ قالت : أيها القوم ، انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير ، فإنه إلى خبركم بالأشواق ، قال : فلما سمت لنا رجلا ، فرقنا [ منها ] أن تكون شيطانة ، فانطلقنا سراعا حتى دخلنا الدير ، فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقا ، وأشده وثاقا ، مجموعة يداه إلى عنقه ، ما بين ركبتيه إلى كعبيه [ ص: 390 ] بالحديد ، قلنا : ويلك ما أنت ؟ قال : قد قدرتم على خبري فأخبروني ما أنتم ؟ قالوا : أناس من العرب ، ركبنا في سفينة بحرية ، فصادفنا البحر حين اغتلم ، فلعب بنا الموج شهرا ، ثم ألقتنا إلى جزيرتك هذه فجلسنا في قاربها فدخلنا الجزيرة ، فلقينا دابة أهلب كثيرة الشعر ، لا ندري قبله من دبره من كثرة الشعر ، فقلنا : ويلك ما أنت ؟ قالت : أنا الجساسة ، قلنا : وما الجساسة ؟ قالت : اعمدوا إلى هذا الرجل ، فإنه إلى خبركم بالأشواق ، فأقبلنا إليك سراعا ففزعنا منها ، وما أمنا أن تكون شيطانة ، فقال : أخبروني عن نخل بيسان ؟ قلنا : عن أي شأنها تستخبر ؟ قال : أسألكم عن نخلها ، هل يثمر ؟ قلنا له : نعم ، قال : أما أنها يوشك أن لا تثمر ، قال : أخبروني عن بحيرة الطبرية ؟ قلنا : عن أي شأنها تستخبر ؟ قال : هل فيها ماء ؟ قلنا : هي كثيرة الماء ، قال : أخبروني عن عين زغر ، قالوا : عن أي شأنها تستخبر ؟ قال : هل في العين ماء ، وهل يزرع أهلها بماء العين ؟ قلنا : نعم وهي كثيرة الماء ، وأهلها يزرعون بمائها ، قال : أخبروني عن النبي الأمي ما فعل ؟ قالوا : خرج من مكة ، ونزل يثرب ، قال : أفقاتله العرب ؟ ، قلنا : نعم ، قال : كيف صنع بهم ؟ فأخبرناه أنه ظهر على من يليه من العرب ، فأطاعوه قال لهم : لقد كان ذلك ؟ قلنا : نعم ، قال : أما أن ذلك خير لهم أن يصنعوه أن يطيعوه ، إني مخبركم عني ، إني أنا المسيح ، وأنه يوشك أن يؤذن لي في الخروج ، فأخرج فأسير في الأرض ، فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة ، غير مكة ، وطيبة ، وهما محرمتان علي ، كلما أردت أن أدخل واحدة منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدني عنها ، وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها " ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وضرب [ ص: 391 ] بمخصرته المنبر : " هذه طيبة ، هذه طيبة ، هذه طيبة - يعني المدينة - ألا هل كنت حدثتكم ذلك ؟ " فقال الناس : نعم ، قال : " فإنما أعجبني حديث تميم الداري لأنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه ، وعن المدينة ، ومكة ، ألا أنه في بحر الشام ، أو بحر اليمن ، لا بل من قبل المشرق ، ما هو من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق " ، وأوما بيده إلى المشرق ، قالت : حفظت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية