الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ( وإذا وصف الطلاق بضرب من الزيادة أو الشدة كان بائبا مثل أن يقول : أنت طالق بائن أو ألبتة ) وقال الشافعي رحمه الله : يقع رجعيا إذا كان بعد الدخول بها ; لأن الطلاق شرع معقبا للرجعة ، فكان وصفه بالبينونة خلاف المشروع فيلغو ; كما إذا قال أنت طالق على أن لا رجعة لي عليك .

                                                                                                        ولنا أنه وصفه بما يحتمله لفظه ، ألا ترى أن البينونة قبل الدخول بها وبعد العدة تحصل به ؟ فيكون هذا الوصف لتعيين أحد المحتملين ; ومسألة الرجعة ممنوعة فتقع واحدة بائنة إذا لم تكن له نية أو نوى الثنتين ، أما إذا نوى الثلاث [ ص: 446 ] فثلاث لما مر من قبل ، ولو عنى بقوله أنت طالق واحدة وبقوله بائن أو ألبتة أخرى تقع تطليقتان بائنتان ، لأن هذا الوصف يصلح لابتداء الإيقاع ( وكذا إذا قال : أنت طالق أفحش الطلاق ) لأنه إنما يوصف باعتبار أثره ، وهو البينونة في الحال فصار كقوله بائن ، وكذا إذا قال أخبث الطلاق ( أو أسوأه ) لما ذكرنا ( وكذا إذا قال طلاق الشيطان أو طلاق البدعة ) لأن الرجعي هو السني فيكون قوله البدعة وطلاق الشيطان بائنا . وعن أبي يوسف في قوله : أنت طالق البدعة أنه لا يكون بائنا إلا بالنية ; لأن البدعة قد تكون من حيث الإيقاع في حالة حيض فلا بد من النية . وعن محمد رحمه الله أنه إذا قال أنت طالق للبدعة أو طلاق الشيطان يكون رجعيا ، لأن هذا الوصف قد يتحقق بالطلاق في حالة الحيض ، فلا تثبت البينونة بالشك ( وكذا إذا قال كالجبل ) لأن التشبيه به يوجب زيادة لا محالة وذلك بإثبات زيادة الوصف ، وكذا إذا قال : مثل الجبل لما قلنا . وقال أبو يوسف رحمه الله : يكون رجعيا ; لأن الجبل شيء واحد فكان تشبيها به في توحده .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية