الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 156 ] باب حد الشرب

                                                                                                        ( ومن شرب الخمر فأخذ وريحها موجودة أو جاءوا به سكران ، فشهد الشهود عليه بذلك فعليه الحد ، وكذلك إذا أقر وريحها موجودة ) لأن جناية الشرب قد ظهرت ولم يتقادم العهد .

                                                                                                        والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام : { من شرب الخمر فاجلدوه ، فإن عاد فاجلدوه }" .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        باب حد الشرب

                                                                                                        حديث : روي عنه عليه السلام : { من شرب الخمر فاجلدوه ، فإن عاد فاجلدوه }قلت : روي من حديث أبي هريرة ومن حديث معاوية ومن حديث ابن عمر ومن حديث قبيصة بن ذؤيب ومن حديث جابر ومن حديث الشريد ومن حديث الخدري ومن حديث عبد الله بن عمرو ومن حديث جرير ومن حديث ابن مسعود ومن حديث شرحبيل بن أوس ومن حديث غطيف .

                                                                                                        فحديث أبي هريرة :

                                                                                                        أخرجه أصحاب السنن إلا الترمذي عن ابن أبي ذئب عن خاله الحارث بن عبد الرحمن المدني عن أبي سلمة عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا سكر فاجلدوه ، ثم إن سكر فاجلدوه ، ثم إن سكر فاجلدوه ، فإن عاد الرابعة [ ص: 157 ] فاقتلوه }" انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الرابع والخمسين ، من القسم الثاني وقال : معناه إذا استحل ، ولم يقبل التحريم ، انتهى .

                                                                                                        ورواه الحاكم في " المستدرك " ، وقال : حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه انتهى .

                                                                                                        ورواه عبد الرزاق في " مصنفه " ثنا معمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا ، بلفظ : { من شرب الخمر فاجلدوه } ، الحديث .

                                                                                                        وعن عبد الرزاق رواه أحمد في " مسنده " .

                                                                                                        وحديث معاوية :

                                                                                                        أخرجوه إلا النسائي عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح عن معاوية ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من شرب الخمر فاجلدوه }" ، إلى آخره : ولفظ أبي داود : { إذا شربوا الخمر فاجلدوهم } ، الحديث قال الترمذي : سمعت محمد بن إسماعيل يقول : حديث أبي صالح عن معاوية أصح من حديث أبي صالح عن أبي هريرة انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع التاسع والسبعين ، من القسم الأول والحاكم في " المستدرك " وسكت عنه ، قال شيخنا الذهبي في " مختصره " : هو صحيح انتهى .

                                                                                                        وأخرجه النسائي في " سننه الكبرى " .

                                                                                                        وحديث ابن عمر :

                                                                                                        أخرجه النسائي في " الأشربة " عن عبد الرحمن بن أبي نعم عن [ ص: 158 ] ابن عمر ، ونفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم : { من شرب الخمر فاجلدوه } ، إلى آخره ورواه الحاكم في " المستدرك " ، وقال : صحيح على شرط الشيخين انتهى .

                                                                                                        قال ابن القطان في " كتابه " : قال ابن معين : عبد الرحمن هذا ضعيف انتهى .

                                                                                                        ورواه أبو داود ، محيلا على حديث معاوية ، فقال : حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد عن حميد بن يزيد عن نافع عن ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بهذا المعنى ، وأحسبه قال في الخامسة : إن شربها فاقتلوه ، قال أبو داود : وكذا حديث أبي غطيف في الخامسة انتهى .

                                                                                                        وحديث قبيصة :

                                                                                                        رواه أبو داود في " سننه " حدثنا أحمد بن عبدة الضبي ثنا سفيان ، قال الزهري : أنبأ عن قبيصة بن ذؤيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من شرب الخمر فاجلدوه ، فإن عاد فاجلدوه . فإن عاد فاجلدوه ، فإن عاد في الثالثة أو الرابعة ، فاقتلوه فأتي برجل قد شرب فجلده ، ثم أتي به فجلده ، ثم أتي به فجلده ، ورفع القتل ، وكانت رخصة }

                                                                                                        ، قال سفيان : حدثنا الزهري بهذا الحديث وعنده منصور بن المعتمر ، ومخول بن راشد ، فقال لهما : كونا وافدي أهل العراق بهذا الحديث انتهى وقبيصة في صحبته خلاف .

                                                                                                        وحديث جابر :

                                                                                                        أخرجه النسائي في " سننه الكبرى " عن محمد بن إسحاق عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا : { من شرب الخمر فاجلدوه }إلى آخره ، قال : ثم { أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب الخمر في الرابعة ، فجلده ، ولم يقتله } ، انتهى .

                                                                                                        وزاد في لفظ : فرأى المسلمون أن الحد قد وقع ، وأن الحد قد رفع انتهى .

                                                                                                        ورواه البزار في " مسنده " عن ابن إسحاق به { أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بالنعمان قد شرب الخمر ثلاثا ، فأمر بضربه ، فلما كان في الرابعة أمر به فجلد الحد } ، فكان نسخا انتهى .

                                                                                                        وحديث الخدري :

                                                                                                        أخرجه ابن حبان في " صحيحه " عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري مرفوعا : { من شرب الخمر ، فاجلدوه } ، إلى آخره ، [ ص: 159 ] ثم قال : وهذا الخبر سمعه أبو صالح من معاوية ، ومن أبي سعيد معا انتهى .

                                                                                                        وحديث عبد الله بن عمرو :

                                                                                                        فأخرجه الحاكم في " المستدرك " من طريق إسحاق بن راهويه أنبأ معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الله بن عمرو مرفوعا نحوه ، وسكت عنه ورواه عبد الرزاق في " مصنفه " حدثنا وكيع عن قرة عن الحسن عن عبد الله بن عمرو ورواه أحمد في " مسنده " حدثنا عفان ثنا همام ثنا قتادة عن شهر بن حوشب به ، ورواه ابن راهويه في " مسنده " حدثنا النضر بن شميل ثنا قرة بن خالد عن الحسن به ، وزاد : فكان عبد الله بن عمرو يقول : ائتوني برجل شرب الخمر أربع مرات ، فلكم علي أن أضرب عنقه انتهى .

                                                                                                        وكذلك لفظ عبد الرزاق : ائتوني برجل قد جلد فيه ثلاثا ، فلكم علي ، الحديث ومن طريق ابن راهويه رواه الطبراني في " معجمه " .

                                                                                                        وحديث جرير :

                                                                                                        رواه الحاكم في " المستدرك " من حديث سماك بن حرب عن خالد بن حزم عن جرير بن عبد الله البجلي مرفوعا نحوه ، ورواه الطبراني في " معجمه " .

                                                                                                        وحديث ابن مسعود :

                                                                                                        رواه الطبراني في " معجمه " .

                                                                                                        وحديث شرحبيل : أخرجه الحاكم في " المستدرك " عن شعبة عن يزيد بن أبي كبشة عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا ، ثم نقل عن بعض رواته أنه قال : هو شرحبيل بن أوس ، وسكت عنه ورواه الطبراني في " معجمه " حدثنا أبو زرعة الدمشقي ثنا أبو اليمان ، الحكم بن نافع ثنا جرير بن عثمان حدثني نمران بن محمد عن شرحبيل بن أوس الكندي ، قال : وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره .

                                                                                                        [ ص: 160 ] وحديث غطيف :

                                                                                                        فرواه البزار في " مسنده " ، والطبراني في " معجمه " من حديث إسماعيل بن عياش عن سعيد بن سالم عن معاوية بن عياض بن غطيف بن عياض عن أبيه عن جده غطيف ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { من شرب الخمر فاجلدوه ، فإن عاد فاجلدوه ، ثم إن عاد فاجلدوه }انتهى .

                                                                                                        لم يذكر فيه القتل ، قال البزار : لا نعلم روى غطيف غير هذا الحديث .

                                                                                                        وحديث الشريد :

                                                                                                        أخرجه الحاكم في " المستدرك " عن ابن إسحاق عن الزهري عن عمرو بن الشريد عن أبيه الشريد بن سويد مرفوعا بنحوه ، وقال : صحيح على شرط مسلم انتهى .

                                                                                                        والمصنف استدل بالحديث على الحد من الخمر ، ولم يتعرض لنسخ القتل ، لكنه أعاده في " الأشربة " ، وذكر نسخ القتل .




                                                                                                        الخدمات العلمية