الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ( وتقبل شهادة الرجل لأخيه وعمه ) لانعدام التهمة لأن الأملاك ومنافعها متباينة ولا بسوطة لبعضهم في مال البعض .

                                                                                                        قال : ( ولا تقبل شهادة مخنث ) ومراده المخنث في الرديء من الأفعال [ ص: 89 ] لأنه فاسق ، فأما الذي في كلامه لين وفي أعضائه تكسر فهو مقبول الشهادة ( ولا نائحة ولا مغنية ) لأنهما يرتكبان محرما " فإنه عليه الصلاة والسلام { نهى عن الصوتين الأحمقين النائحة والمغنية }.

                                                                                                        قال : ( ولا مدمن الشرب على اللهو ) لأنه ارتكب محرم دينه ( ولا من يلعب بالطيور ) لأنه يورث غفلة ، ولأنه قد يقف على عورات النساء بصعوده على سطحه ليطير طيره ، وفي بعض النسخ : ( ولا من يلعب بالطنبور ) هو المغني . قال : ( ولا من يغني للناس ) لأنه يجمع الناس على ارتكاب كبيرة .

                                                                                                        قال : ( ولا من يأتي بابا من الكبائر التي يتعلق بها الحد ) للفسق .

                                                                                                        قال : ( ولا من يدخل الحمام من غير إزار ) لأن كشف العورة حرام ( أو يأكل الربا أو يقامر بالنرد والشطرنج ) لأن كل ذلك من الكبائر وكذلك من تفوته الصلاة للاشتغال بهما ، فأما مجرد اللعب بالشطرنج فليس بفسق مانع من الشهادة لأن للاجتهاد فيه مساغا ، وشرط في الأصل أن يكون آكل الربا [ ص: 90 ] مشهورا به لأن الإنسان قلما ينجو عن مباشرة العقود الفاسدة وكل ذلك ربا . قال : ( ولا من يفعل الأفعال المستحقرة كالبول على الطريق والأكل على الطريق ) لأنه تارك للمروءة ، وإذا كان لا يستحي عن مثل ذلك لا يمتنع عن الكذب فيتهم

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الثالث : روي أن النبي صلى الله عليه وسلم { نهى عن الصوتين الأحمقين : النائحة ، والمغنية }; [ ص: 89 ] قلت : أخرجه الترمذي في " الجنائز " عن عيسى بن يونس عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن جابر بن عبد الله ، قال : { أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد عبد الرحمن بن عوف ، فانطلق به إلى ابنه إبراهيم فوجده يجود بنفسه ، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه في حجره ، وبكى ، فقال له عبد الرحمن : أتبكي يا رسول الله ، وقد نهيت عن البكاء ؟ قال : لا ، إني لم أنه عن البكاء ، ولكني نهيت عن صوتين أحمقين : صوت عند نغمة لعب ، ولهو ، ومزامير شيطان ، وصوت عند مصيبة ، خمش وجوه ، وشق جيوب ، ورنة شيطان }انتهى .

                                                                                                        وقال : حديث حسن انتهى . وكذلك رواه ابن أبي شيبة ، وإسحاق بن راهويه ، وعبد بن حميد ، وأبو داود الطيالسي في " مسانيدهم " ، قال ابن أبي شيبة : حدثنا علي بن هاشم عن ابن أبي ليلى به ، وقال ابن راهويه : أخبرنا وكيع عن ابن أبي ليلى به ، وقال عبد بن حميد : أخبرنا عبيد الله بن موسى عن ابن أبي ليلى به ، وقال الطيالسي : حدثنا أبو عوانة عن ابن أبي ليلى [ ص: 90 ] به ، وكلهم ذكروه في مسند جابر ورواه البيهقي في " سننه " من طريق أبي عوانة به ، وزاد فيه : { وإنما هذه رحمة ، ومن لا يرحم لا يرحم ، يا إبراهيم لولا أنه قول حق ، ووعد صدق ، وسبيل مأتي ، وقضاء مقضي ، وأن آخرنا سيلحق بأولنا لحزنا عليك حزنا أشد من هذا }انتهى .

                                                                                                        ومنهم من جعل هذا الحديث من مسند عبد الرحمن بن عوف ، أخرجه كذلك البزار ، وأبو يعلى الموصلي في " مسنديهما " عن النضر بن إسماعيل عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء عن جابر عن عبد الرحمن بن عوف ، قال : { أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ، فانطلق بي إلى ابنه إبراهيم } ، إلى آخره ، ذكراه في مسند ابن عوف ، وقال البزار : وهذا حديث لا نعلمه يروى عن عبد الرحمن إلا من هذا الوجه ، بهذا الإسناد انتهى .

                                                                                                        وكذلك رواه البيهقي في " شعب الإيمان " عن الحاكم بسنده عن يونس بن بكير عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى به ، قال النووي في " الخلاصة " : ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ضعيف ، ولعله اعتضد : ورنة الشيطان هي الغناء ، والمزامير هكذا جاء مبينا في رواية البيهقي انتهى كلامه . ورواه الحاكم في " المستدرك في فضائل مارية القبطية " عن إسماعيل بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده عبد الرحمن بن عوف ، قال : { أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدي } ، الحديث ، وسكت عنه .




                                                                                                        الخدمات العلمية