الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 559 - 560 ] ( ثم يسلم عن يمينه فيقول : السلام عليكم ورحمة الله ، وعن يساره مثل ذلك ) لما روى ابن مسعود رضي الله عنه { أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يسلم عن يمينه حتى يرى بياض خده الأيمن ، وعن يساره حتى يرى بياض خده الأيسر }" ( وينوي بالتسليمة الأولى من عن يمينه من الرجال والنساء والحفظة ، وكذلك في الثانية ) لأن الأعمال بالنيات ، ولا ينوي النساء في زماننا ولا من لا شركة له في صلاته ، هو الصحيح ، لأن الخطاب حظ الحاضرين .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الخمسون : روى ابن مسعود { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه ، حتى يرى بياض خده الأيمن ، وعن يساره ، حتى يرى بياض خده الأيسر } ، قلت : أخرجه أصحاب السنن الأربعة ، واللفظ للنسائي عن أبي إسحاق عن علقمة ، والأسود ، وأبي الأحوص ، قالوا ثلاثتهم : ثنا ابن مسعود { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه : السلام عليكم ، ورحمة الله ، حتى يرى بياض خده الأيمن ، وعن يساره ، السلام عليكم ، ورحمة الله ، حتى يرى بياض خده الأيسر }" انتهى .

                                                                                                        قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، وهذا اللفظ أقرب إلى لفظ المصنف ، ولفظ أبي داود ، وابن ماجه فيه عن [ ص: 561 ] أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه ، وعن شماله ، حتى يرى بياض خده : السلام عليكم ، ورحمة الله ، السلام عليكم ، ورحمة الله }" ، وهو لفظ الترمذي ، إلا أنه ترك : حتى يرى بياض خده ، ورواه ابن حبان في " صحيحه " من حديث الشعبي عن مسروق عن { ابن مسعود ، قال : لم أنس تسليم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمينه ، وعن شماله : السلام عليكم ، ورحمة الله }" ، وكأني أنظر إلى بياض خديه صلى الله عليه وسلم انتهى .

                                                                                                        ورواه مسلم بلفظ آخر أخرجه عن أبي معمر ، أن أميرا كان بمكة يسلم تسليمتين ، فقال عبد الله بن مسعود : أنى علقها ؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه مسلم في " صحيحه " عن عامر بن سعد عن أبيه سعد بن أبي وقاص ، قال : { كنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه ، وعن يساره ، حتى أرى بياض خده }انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الدارقطني في " سننه " عن فضالة بن الفضل ثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر عن عمار بن ياسر ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم عن يمينه ، يرى بياض خده الأيمن ، وإذا سلم عن يساره ، يرى بياض خده الأيسر ، وكان تسليمه : السلام عليكم ، ورحمة الله }" انتهى .

                                                                                                        وفضالة بن الفضل ، قال فيه أبو حاتم : صدوق .

                                                                                                        ورواه ابن ماجه في " سننه " حدثنا علي بن محمد ثنا يحيى بن آدم ثنا أبو بكر بن عياش به ، وما وجدت ابن عساكر ذكره في " الأطراف " ، لكن ذكره في " ترجمة صلة بن زفر عن حذيفة " ، ووجدت صاحب " التنقيح " عزاه لابن ماجه من حديث حذيفة ، ثم قال : ويوجد في بعض النسخ ، عوض : حذيفة ، عمار بن ياسر . [ ص: 562 ] وهو وهم . انتهى . وهذا الدارقطني ذكره عن عمار .

                                                                                                        { حديث آخر } : رواه أحمد في " مسنده " . والطبراني في " معجمه " عن ملازم بن عمرو حدثني هوذة بن قيس بن طلق عن أبيه عن جده ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه ، وعن يساره ، حتى يرى بياض خده الأيمن ، وبياض خده الأيسر }انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه البيهقي في " المعرفة " من طريق الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد الأسلمي عن إسحاق بن عبد الله عن عبد الوهاب بن بخت عن واثلة بن الأسقع { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه ويساره ، حتى يرى خداه }انتهى . أحاديث التسليمتين : فيه ما تقدم من الأحاديث ، ومنها حديث جابر بن سمرة ، قال : { كنا نقول خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلمنا : السلام عليكم . السلام عليكم ، يشير أحدنا بيده عن يمينه وشماله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما بال الذين يومئون بأيديهم في الصلاة ، كأنها أذناب خيل شمس ؟ إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ، ثم يسلم عن يمينه ، وشماله }" انتهى . رواه مسلم .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه أبو داود عن وائل بن حجر ، قال : { صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يسلم عن يمينه : السلام عليكم ورحمة الله ، وعن شماله : السلام عليكم ورحمة الله }" انتهى .

                                                                                                        قال النووي في " الخلاصة " : إسناده صحيح .

                                                                                                        { حديث آخر } : رواه ابن ماجه في " سننه " حدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة ثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم عن أبي موسى ، قال : { صلى بنا علي يوم الجمل صلاة ذكرتنا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإما أن نكون نسيناها ، وإما أن نكون تركناها ، فسلم على يمينه وعلى شماله }انتهى . وسنده صحيح . [ ص: 563 ]

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الدارقطني في " سنه " عن حريث بن أبي مطر عن الشعبي عن البراء بن عازب { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمتين }انتهى . وحريث تكلم فيه البخاري . وأبو حاتم . والفلاس . وابن معين ، وتركه النسائي . والأزدي .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه البيهقي في " المعرفة " من طريق الشافعي ، أخبرنا مسلم بن خالد . وعبد المجيد عن ابن جريج عن عمرو بن يحيى المازني عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن ابن عمر { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسلم عن يمينه ، وعن يساره }انتهى . أحاديث التسليمة الواحدة : أخرج الترمذي . وابن ماجه عن زهير بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة تلقاء وجهه }انتهى . ورواه الحاكم في " المستدرك " ، وقال : على شرط الشيخين ، قال صاحب " التنقيح " : وزهير بن محمد ، وإن كان من رجال الصحيحين ، لكن له مناكير ، وهذا الحديث منها ، قال أبو حاتم : هو حديث منكر .

                                                                                                        وقال الطحاوي في " شرح الآثار " : وزهير بن محمد ، وإن كان ثقة ، لكن عمرو بن أبي سلمة يضعفه ، قاله ابن معين ، والحديث أصله الوقف على عائشة ، هكذا رواه الحفاظ انتهى .

                                                                                                        وقال ابن عبد البر في " التمهيد " : لم يرفعه إلا زهير بن محمد وحده ، وهو ضعيف عند الجميع ، كثير الخطأ ، لا يحتج به انتهى .

                                                                                                        وقال النووي في " الخلاصة " : هو حديث ضعيف ، ولا يقبل تصحيح الحاكم له ، وليس في الاقتصار على تسليمة واحدة شيء ثابت انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه ابن ماجه عن عبد المهيمن بن عباس عن أبيه عن جده سهل بن سعد { أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم تسليمة واحدة ، لا يزيد عليها }انتهى .

                                                                                                        قال الدارقطني : عبد المهيمن هذا ليس بالقوي ، وقال ابن حبان : بطل الاحتجاج به . ( حديث آخر ) أخرجه ابن ماجه أيضا عن يحيى بن راشد عن يزيد مولى سلمة عن [ ص: 564 ] سلمة بن الأكوع ، قال : رأيت { رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فسلم مرة واحدة }انتهى . ويحيى بن راشد ، قال ابن معين : ليس بشيء ، وقال النسائي : ضعيف .

                                                                                                        { حديث آخر } : رواه البيهقي في " المعرفة " أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ثنا علي بن حماد ثنا أبو المثنى العنبري ثنا عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي ثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن حميد عن أنس { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمة واحدة }انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } أخرجه ابن عدي في " الكامل " عن عطاء بن أبي ميمونة حدثني أبي . وحفص عن الحسن عن سمرة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمة واحدة قبل وجهه } ، وذكره عبد الحق في " أحكامه " من جهة ابن عدي ، قال : وعطاء ضعيف قدري ، وفيه الحسن عن سمرة .

                                                                                                        قوله : ولا ينوي " الملائكة " عددا محصورا ، لأن الأخبار في عددهم قد اختلفت ، فأشبه الإيمان بالأنبياء عليهم السلام ، قلت : روى مسلم في " صحيحه " من حديث سالم بن أبي الجعد عن أبيه عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن ، وقرينه من الملائكة ، قالوا : وإياك يا رسول الله ؟ [ ص: 565 ] قال : وإياي ، ولكن الله أعانني عليه ، فأسلم }" انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : روى إسحاق بن راهويه في " مسنده " أخبرنا يحيى بن يحيى ثنا عثمان بن مطر عن ثابت البناني عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إن الله وكل بعبده المؤمن ملكين يكتبان عمله ، فإذا مات ، قال الملكان اللذان وكلا به : قد مات ، أفتأذن أن نصعد إلى السماء ؟ ، فيقول الله : سمائي مملوءة بها ملائكتي ، يسبحوني ، فيقولان : أفنقيم في الأرض ؟ فيقول : أرضي مملوءة من خلقي ، يسبحوني ، فيقولان : فأين ؟ فيقول : قوما على قبر عبدي ، فاحمداني وسبحاني وكبراني وهللاني ، واكتبا ذلك لعبدي ، حتى أبعثه }" انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان في باب الحياء " ، وهو الباب الرابع والخمسون ، عن عبادة البصري عن جده أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { يستحيي أحدكم من ملكيه اللذين معه ، كما يستحيي من رجلين من صالحي جيرانه ، وهما معه بالليل والنهار }" انتهى .

                                                                                                        ثم قال : وإسناده ضعيف ، وله شاهد ضعيف ، ثم أخرج عن ليث بن أبي سليم عن محمد بن عمرو عن أبيه عن زيد بن ثابت ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { ألم أنهكم عن التعري ؟ إن معكم من لا يفارقكم في نوم ولا يقظة ، إلا حين يأتي أحدكم أهله ، أو حين يأتي خلاه ، ألا فاستحيوهما ، ألا فأكرموهما }" انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الطبراني في " معجمه " عن عفير بن معدان وهو ضعيف عن سليم بن عامر عن أبي أمامة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { وكل بالمؤمن مائة وستون ملكا ، يذبون عنه ما لم يقدر له من ذلك : البصر عليه سبعة أملاك ، يذبون عنه ، كما يذب عن قصعة العسل الذباب في اليوم الصائف ، ولو وكل العبد إلى نفسه طرفة عين لاختطفته الشياطين }" انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : رواه الطبراني في " تفسيره " عند قوله تعالى: { له معقبات من بين [ ص: 566 ] يديه }: حدثني المثنى ثنا إبراهيم بن عبد السلام بن صالح القشيري ثنا علي بن جرير عن حماد بن سلمة عن عبد الحميد بن جعفر عن كنانة العدوي ، قال : { دخل عثمان بن عفان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : يا رسول الله أخبرني عن العبد ، كم معه ملك ؟ فقال : على يمينك ملك على حسناتك ، وهو أمين على الملك الذي على الشمال ، فإذا عملت حسنة كتبت عشرا ، وإذا عملت سيئة ، قال الذي على الشمال للذي على اليمين : أكتب ؟ فيقول له : لا ، لعله يستغفر الله ويتوب ، فإذا قال ثلاثا ، قال : نعم ، اكتب أراحنا الله منه ، فبئس القرين ، ما أقل مراقبته لله ، وأقل استحياءه منا ، يقول الله : { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد } ، وملكان من بين يديك ومن خلفك يقول الله : { له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله }وملك قابض على ناصيتك ، فإذا تواضعت لله رفعك ، وإذا تجبرت على الله قصمك ، وملكان على شفتيك ، ليس يحفظان عليك إلا الصلاة على محمد ، وملك قائم على فيك ، لا يدع أن تدخل الحية في فيك ، وملكان على عينيك ، فهؤلاء عشرة أملاك على كل ابن آدم يتبدلون ، ملائكة الليل على ملائكة النهار ، لأن ملائكة الليل سوى ملائكة النهار ، فهؤلاء عشرون ملكا ، على كل آدمي ، وإبليس بالنهار ، وولده بالليل }" انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية