الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 316 - 317 ] ( والصلاة : أن يكبر تكبيرة يحمد الله عقيبها ، ثم يكبر تكبيرة يصلي فيها على النبي عليه الصلاة والسلام ، ثم يكبر تكبيرة يدعو فيها لنفسه وللميت وللمسلمين ، ثم يكبر الرابعة ويسلم ) لأنه عليه الصلاة والسلام كبر أربعا في [ ص: 318 ] آخر صلاة صلاها ، فنسخت ما قبلها . ( ولو ) ( كبر الإمام خمسا ) ( لم يتابعه المؤتم ) خلافا لزفر ، لأنه منسوخ ، لما روينا ، وينتظر تسليمة الإمام في رواية ، وهو المختار ، والإتيان بالدعوات استغفار للميت .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الثامن : روي أنه عليه الصلاة والسلام كبر أربعا في آخر صلاة صلاها ، [ ص: 318 ] قلت : روي من حديث ابن عباس ، ومن حديث عمر بن الخطاب ، ومن حديث ابن أبي حثمة ، ومن حديث أنس أما حديث ابن عباس ، فله طرق : أحدها : عند الحاكم في " المستدرك " والدارقطني في " سننه " عن الفرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن { عبد الله بن عباس ، قال : آخر ما كبر النبي صلى الله عليه وسلم على الجنائز أربع تكبيرات ، وكبر عمر على أبي بكر أربعا ، وكبر ابن عمر على عمر أربعا ، وكبر الحسن بن علي على علي أربعا ، وكبر الحسين بن علي على الحسن أربعا ، وكبرت الملائكة على آدم أربعا }. انتهى .

                                                                                                        قال الدارقطني : والفرات بن السائب متروك . انتهى وسكت الحاكم عنه

                                                                                                        طريق آخر : أخرجه البيهقي في " سننه " والطبراني في " معجمه " عن النضر أبي عمر عن عكرمة عن ابن عباس ، قال : { آخر جنازة صلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر عليها أربعا }. انتهى قال البيهقي : تفرد به النضر بن عبد الرحمن أبو عمر الخراز عن عكرمة ، وهو ضعيف ، وقد روي هذا من وجوه أخر ، كلها ضعيفة ، إلا أن اجتماع أكثر الصحابة رضي الله عنهم على الأربع ، كالدليل على ذلك . انتهى كلامه

                                                                                                        طريق آخر : رواه أبو نعيم الأصبهاني في " تاريخ أصبهان في ترجمة المحمديين " حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن عمران ثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث ثنا شيبان بن فروخ ثنا نافع أبو هرمز ثنا عطاء عن ابن عباس { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر على أهل بدر سبع تكبيرات ، وعلى بني هاشم خمس تكبيرات ، ثم كان آخر صلاته أربع تكبيرات ، إلى أن خرج من الدنيا }. انتهى .

                                                                                                        [ ص: 319 ] طريق آخر : رواه ابن حبان في " كتاب الضعفاء " من حديث محمد بن معاوية أبي علي النيسابوري عن أبي المليح عن ميمون بن مهران عن ابن عباس ، وأعله بمحمد بن معاوية ، وقال : إنه يأتي عن الثقات بما لا يتابع عليه ، فاستحق الترك ، إلا فيما وافق الثقات ، فإنه كان صاحب حفظ وإتقان ، قبل أن ظهر منه ما ظهر . انتهى .

                                                                                                        وأما حديث عمر : فأخرجه الدارقطني في " سننه " عن يحيى بن أبي أنيسة عن جابر عن الشعبي عن مسروق ، قال : صلى عمر على بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول : لأصلين عليها ، مثل آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم على مثلها ، فكبر عليها أربعا . انتهى ويحيى بن أبي أنيسة وجابر الجعفي ضعيفان طريق آخر : رواه محمد بن الحسن في " كتاب الآثار " أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي { أن الناس كانوا يصلون على الجنائز خمسا وستا وأربعا ، حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم كبروا كذلك في ولاية أبي بكر الصديق ، ثم ولي عمر بن الخطاب ، ففعلوا ذلك ، فقال لهم عمر : إنكم معشر أصحاب محمد متى تختلفون يختلف الناس بعدكم والناس حديثو عهد بالجاهلية ، فأجمعوا على شيء يجمع عليه من بعدكم ، فأجمع رأي أصحاب محمد على أن ينظروا إلى آخر جنازة كبر عليها النبي صلى الله عليه وسلم حين قبض ، فيأخذون ، ويتركون ما سواه ، فنظروا فوجدوا آخر جنازة كبر عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا }. انتهى وكأن فيه انقطاعا بين إبراهيم ، وعمر .

                                                                                                        وأما حديث ابن أبي حثمة فرواه أبو عمر في " الاستذكار " عن عبد الوارث بن سفيان عن قاسم عن ابن وضاح عن عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم عن مروان بن معاوية الفزاري عن عبد الله بن الحارث عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة عن أبيه ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر على الجنائز أربعا وخمسا وستا وسبعا فثمانيا ، حتى جاءه موت النجاشي ، فخرج إلى المصلى ، فصف الناس وراءه ، وكبر عليه أربعا ، ثم ثبت النبي صلى الله عليه وسلم على أربع حتى توفاه الله عز وجل }. انتهى .

                                                                                                        وأما حديث ابن عمر : فرواه الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " حدثنا حفص بن [ ص: 320 ] حمزة أنبأ فرات بن السائب أنبأ ميمون بن مهران أن عبد الله بن عمر ، قال : آخر ما كبر النبي صلى الله عليه وسلم فذكره بلفظ حديث ابن عباس ، وزاد : وكبر على علي يزيد بن المكفف أربعا ، وكبر ابن الحنفية على ابن عباس بالطائف أربعا . انتهى .

                                                                                                        وأما حديث أنس : فأخرجه الحازمي في " كتاب الناسخ والمنسوخ " عن أبي بكر أحمد بن علي بن سعيد القاضي المروزي ثنا شيبان الأيلي أنا نافع أبو هرمز ثنا أنس بن مالك ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر على أهل بدر سبع تكبيرات ، وعلى بني هاشم سبع تكبيرات ، وكان آخر صلاته أربعا حتى خرج من الدنيا }. انتهى .

                                                                                                        قال : وإسناده واه ، وقد روي : آخر صلاته كبر أربعا ، من عدة روايات ، كلها ضعيفة ، وكذلك حمل بعض العلماء الأمر على التوسع ، وأن لا وقت ولا عدد ، وجمعوا بين الأحاديث ، قالوا : كان النبي صلى الله عليه وسلم يفضل أهل بدر على غيرهم ، وكذا بني هاشم ، فكان يكبر عليهم خمسا ، وعلى من دونهم أربعا ، وأن الذي حكى آخر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن الميت من بني هاشم ، ولا من أهل بدر ، وقد جعل بعض العلماء حديث النجاشي ناسخا ، فإن حديث النجاشي مخرج في " " الصحيحين " من رواية أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعاه في اليوم الذي مات ، وخرج بهم إلى المصلى ، فصف بهم ، وكبر أربع تكبيرات ، قالوا : وأبو هريرة متأخر الإسلام ، وموت النجاشي كان بعد إسلام أبي هريرة بمدة ، فإن قيل : إن كان في حديث أبي هريرة ما يدل على التأخير ، فليس في تلك الأحاديث المنسوخة ما يدل على التقديم ، فليس أحدهما أولى بالتأخير من الآخر ، قلنا : قد ورد التصريح بالتأخير من رواية عمر وابن عباس وابن أبي أوفى وجابر . انتهى كلامه .

                                                                                                        وأما ما روي عن علي أنه صلى بعد ذلك على سهل بن حنيف ستا ، فلأنه كان بدريا ، والبدريون يزادون في التكبير ، رواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في " مصنفيهما " حدثنا ابن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن عبد الله بن مغفل أن عليا صلى على سهل بن حنيف ، فكبر عليه ستا ، ثم التفت إلينا ، فقال : إنه بدري . انتهى ورواه البخاري في [ ص: 321 ] تاريخه " حدثنا حجاج ثنا أبو عوانة عن ابن أبي خالد به ، قال النووي في " الخلاصة " : ورواه البرقاني في " صحيحه " ، ووهم شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره ، فعزاه للترمذي ، ويؤيد هذا ما أخرجه الطحاوي والدارقطني ، ثم البيهقي عن عبد خير ، قال : كان علي يكبر على أهل بدر ستا ، وعلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا ، وعلى سائر المسلمين أربعا ، ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا حفص بن عبد العلي بن سلع عن عبد خير به




                                                                                                        الخدمات العلمية