الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : واختلف قول مالك في الشفعة في الزرع ، ولا فرق عند من رأى فيه الشفعة أن يباع دون الأصل إذا حل بيعه أو مع الأصل بعد النبات أو قبل النبات ، وقيل : ما لم ينبت لا شفعة لعدم حصته من الثمن كالثمرة التي لم تؤبر ، والخلاف في شفعته في المدونة لتعليله عدم الشفعة بامتناع بيعه حتى ييبس ، فعلى هذا فيه الشفعة إذا بيع قبل اليبس على مذهب من يجيز ذلك من العلماء ومن يرى من أصحابنا العقد فوتا أو إذا بيع الأصل . وعلى هذا الخلاف يترتب طروء الشفيع على الأرض المبذورة قبل طلوع البذر أو بعد طلوعه ; فإن طرأ قبل الطلوع : فثلاثة أحوال : إن كان المبتاع هو الباذر فيأخذها الشفيع ويبقى البذر لباذره على قول من يجري أخذ الشفعة مجرى الاستحقاق ، وعلى قول من يجريه مجرى البيع يمتنع الاستشفاع إلا بعد طلوع البذر . وقيل : يأخذه بقيمة البذر والعمل ، وقيل : بقيمته على الرجاء والخوف كالسقي والعلاج في الثمرة ، وإن كان الباذر البائع أخذها الشفيع مبذورة بجميع الثمن على القول : في الزرع الشفعة ، وعلى القول الآخر : بما ينوبها من الثمن إذا أجري أخذ الشفعة مجرى الاستحقاق ، وعلى قول من يجريه مجرى البيع لا يأخذ حتى يبرز الزرع ، وإن كان غيرهما الباذر أخذ الأرض [ ص: 299 ] بالشفعة بجميع الثمن دون البذر ; فإن طرأ بعد النبات فالثلاثة الأحوال غير أن الوجهين من الثلاثة أوجه ليستوي الحكم فيهما أن يبذر المبتاع أو الأجنبي في شفعة في الأرض دون الزرع بجميع الثمن على القول بالشفعة في الزرع ، ويأخذ الأرض دون الزرع بما ينوبها من الثمن على القول بعدم الشفعة في الزرع ( وإن طرأ الشفيع بعد يبس الزرع ) فلا شفعة ، ويأخذ الأرض بجميع الثمن إذا كان البذر للمبتاع أو للأجنبي ، وإن كان للبائع أخذ الأرض بما ينوبها من الثمن ، وأما طروء المستحق : فإن استحق الأرض والزرع مثل أن يزرع الرجل أرضه فيبيعها ( غيره فيخير بين إجازة البيع أو يأخذهما ، وإن استحق الأرض فقط فثلاثة أحوال : إن كان البذر للمستحق منه ) وهو غاصب فحكمه حكم الغاصب ، وإن لم يكن غاصبا فلا شيء للمستحق في الزرع ، ولا له قلعه ، وإنما له الكراء إن لم يفت الإبان ، وإن بذر أجنبي بوجه شرعي فهو له ، ويأخذ المستحق أرضه ، وله على الزارع الكراء إن كان أكثر منه ، وإن كان الغاصب هو الذي أكرى منه : فله الكراء أيضا إن لم يفت الإبان ، وإن فات الإبان جرى على الخلاف في غلة الأرض المغصوبة ، وإن كان الباذر البائع فيأخذ المستحق أرضه ، وينفسخ البيع في الزرع ويرجع المبتاع بجميع الثمن على البائع ، وفي الموازية : يبقى الزرع للمبتاع ، وهو بعيد ، فهذا القول في طروء كل واحد منفردا . وهو يغني عن القول في اجتماعهما .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية