الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 17 ] الباب الثالث

                                                                                                                في

                                                                                                                موانع الميراث

                                                                                                                وهي خمسة ، وجميعها مشترك في تأثير وجودها في عدم التوريث ، ولا يؤثر عدمها في وجوده ولا عدمه ، وهي الكفر ، لقوله ، عليه السلام - : " لا يتوارث أهل ملتين " ، والقتل العمد العدوان لقوله - عليه السلام - " قاتل العمد العدوان لا يرث " .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في النوادر : إذا قتل الأبوان ابنهما على وجه الشبه وسقط القصاص عنهما فالدية عليهما ولا يرثان منها ، ولا من المال لأنه عدوان من الأجنبي ، والشك لأن الشك في المقتضى يمنع الحكم إجماعا ، والرق لأن مال العبد مستحق للسيد ; ولأنه من جرائر الكفر ، ويستوي القن ومن فيه علقة رق ، فلا يرث ولا يورث منه ، واللعان يمنع من إرث الأب ، والأب منه حتى يستلحقه .

                                                                                                                والشك ثمانية : في الوجود كالمفقود ، والحياة كاستبهام استهلال أحد المولودين ، والعدد كالحمل ، والذكورة كالخنتثى فيعطى ثلاثة أرباع ميراث ، والنسب كالمتداعي بين شخصين ، وجهة الاستحقاق كمن أسلم على أختين ومات قبل الاختيار ، وتاريخ الموت بطرو النسيان والجهل به كالغرقى .

                                                                                                                [ ص: 18 ] تفريع : قال ابن يونس : إن ترك ابن الملاعنة أمه وابنته فالسدس لأمه والنصف لابنته وما بقي للعصبة قاله زيد ، وقال علي : يرد الباقي على الأم والبنت على أربعة ومنها تصح ، وقال ابن مسعود : الباقي للأم ; لأنها عصبته فتصح من اثنين ، وإن ترك أمه وأخته شقيقته فإن الشقيقة تصير أختا لأم ، فللأم الثلث وللأخت السدس ، وما بقي للعصبة قاله زيد ، ويرد عليهما عند علي - رضي الله عنه - على ثلاثة ومنها تصح ، وعند ابن مسعود الباقي للأم فتصح من ستة ، وإن ولدت هذه الشقيقة معه في بطن يتوارثان ; لأنهما شقيقان لاتحاد الأب والاستلحاق ، وفيه خلاف ، وعلى الأول للأم الثلث وللأخت النصف والباقي للعصبة على ما تقدم من الخلاف .

                                                                                                                والتوءمان خمسة أقسام : من الملاعنة ، والمغتصبة ، والمتحملة بأمان ، والمسبية ، والزانية ، وفي الكل قولان : أحدهما يتوارثان بأنهما شقيقان ، وثانيهما : أخوان لأم إلا الزانية فقول واحد أنهما لأم لتعذر الاستلحاق وانتفاء الشبهة .

                                                                                                                قال : والصواب في غيرها الشقاقة إلا المغتصبة ; لأنها لا شبهة فيها ولا استلحاق .

                                                                                                                قال مالك والأئمة : ميراث المعتق بعضه كالعبد ، وعن ابن عباس أنه كالحر يرث ما يرث الحر ويحجب ما يحجب الحر تغليبا للحرية كما غلبنا نحن الرق ، وعن علي رضي الله عنه - يرث ويحجب بقدر ما عتق منه توفية بالشائبتين ، وعلى مذهب علي إن ترك ابنين كل واحد معتق نصفه فالمال بينهما نصفان ، أو ثلث كل واحد حر فثلثا المال بينهما والباقي للعصبة ، أو أحدهما حر كله والآخر نصفه [ فاختلف في تفريع قوله - رضي الله عنه - قيل للكامل الحرية الثلثان وللآخر الثلث لأنها نسبة حريته ، وقيل كما لو ادعى أحدهما كله والآخر نصفه ] فلمدعي الكل النصف بلا منازعة فيصير له ثلاثة أرباع ، وعلى هذا تتفرع أجزاء الحرية وكثرة الأولاد وكونه ابنه أو أباه أو غيره من الورثة .

                                                                                                                وفي المدونة : إذا أعتق المديان ولم يعلم الغرماء حتى مات بعض أقارب العبد [ ص: 19 ] المعتق لا يرثه ; لأنه عبد حتى يجيز الغرماء عتقه ; ولأنه متردد بين الرق والحرية وقريبه حر صرف فلم تحصل المساواة ، وإذا بتل عتقه في مرضه وللسيد أموال متفرقة إذا جمعت خرج العبد من ثلثها فهلك العبد قبل جمعها لا يرثه ويرثه الأحرار ; لأن المال قد يهلك فلم تتحقق الحرية ولا المساواة .

                                                                                                                قال : في كتاب العتق قال ابن يونس : قال بعض المشايخ : إذا اشتريت عبدا فأعتقته وورث وشهد ثم استحق ، فإن أجاز المستحق البيع نفذ العتق والميراث وغيره ، وإلا بطل الجميع ، والفرق أن المديان متعد على الغرماء بعتقه بخلاف المشتري مع المستحق ، فلو علم المشتري ملك المستحق عند العتق استوى المسألتان ولا ميراث بالشك ، قال ابن يونس : وإن لم يعلم الغرماء حتى ورث ثم أجازوا العتق نفذت الأحكام كالمشتري ، وقد قال مالك وابن القاسم : ولا مال له غيره فهلك العبد قبله وترك ابنته حرة وترك ألفا فقد مات رقيقا وماله لسيده ، ولو كان له مال مأمون كالعقار يخرج العبد من ثلثه بعد عتقه ورثته ابنته والسيد نصفين ، وقيل لا ينظر لفعله إلا بعد موته ، له مال أم لا ، مراعاة للطوارئ البعيدة ، وحيث شك في تاريخ الموت بالجهل كالغرقى ورث كل واحد أحياء ورثته ; لأنهما كأنهما لا قرابة بينهما لعدم الترجيح ، وعن علي - رضي الله عنه - وأحمد : يرث كل واحد من صاحبه ويرث الآخر منه ما ورثه منه ; لأن الأصل أن لا ينتقل المال عنهما إلا بيقين ، ولا يقين ، وعن عمر - رضي الله عنه - إن وجدت يد أحدهما على صاحبه ورث الأعلى من الأسفل .

                                                                                                                فعلى قول الجمهور إذا غرق أخوان وتركا أخا وأما فللأم الثلث مما ترك كل واحد ، والباقي للأخ الثلث والثلثين ، وعلى قول علي - رضي الله عنه - تحيي أحدهما وتميت الآخر ويقسم ميراثه ، فللأم السدس لتحقق أخوين ، والباقي للأخوين فتصبح من اثني عشر لكل واحد من الأخوين خمسة ، ثم تميت الحي وتحيي الآخر الميت ويقسم تركة الذي أميت الآن فللأم السدس اثنان ولكل أخ خمسة ، فيصير للأم اثنان من تركة هذا واثنان من تركة الأول ، وفي يد الأخ الحي [ ص: 20 ] خمسة من تركة هذا وخمسة من تركة ذلك ، وفي يد كل ميت خمسة ورثها من الميت الآخر ، فيماتان جميعا ميتة واحدة فيكون للأم الثلث مما بقي لكل واحد منهما ، والباقي لأخيه ، وتركة واحد خمسة لا تنقسم على ثلاث فتضرب الاثني عشر التي كانت فريضة كل واحد منهما في ثلاثة [ تكون ستة وثلاثين ، في يد الأم اثنان من تركة كل واحد منهما في ثلاثة ] بستة ، وفي يد الأخ الحي خمسة من تركة كل واحد في ثلاثة بخمسة عشر ، وفي يد كل واحد من تركة الآخر خمسة في ثلاثة بخمسة عشر ، وللأم من هذه الخمسة عشر خمسة ولأخيه عشرة فيصير لها من تركتها عشرة وذلك اثنان وعشرون ، ويصير للحي من تركة كل واحد خمسة وعشرون فذلك خمسون ، فيتفق ما في يد الأم والأخ بالأنصاف ، فيكون في يد الأخ خمسة وعشرون ، وفي يد الأم أحد عشر .

                                                                                                                واتفق العلماء أن قاتل العمد لا يرث من المال ولا من الدية ، وأن قاتل الخطأ لا يرث من الدية ، وورثه مالك من المال ومنعه ( ش ) و ( ح ) من المال ، قال ( ح ) إلا أن يكون القاتل صبيا أو مجنونا لعدم التكليف .

                                                                                                                لنا قوله تعالى : يوصيكم الله في أولادكم وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " قاتل الخطأ يرث من المال ولا يرث من الدية " .

                                                                                                                احتجوا بقوله - عليه السلام - " القاتل لا يرث " وبالقياس على المطلق في المرض ، وبالقياس على الدية .

                                                                                                                والجواب عن الأول : أنه مطلق فيحمل على المقيد في الرواية الأخرى بالعمد .

                                                                                                                والجواب عن الثاني : الفرق بأن جهة الميراث قد بطلت بالطلاق ، والقرابة هاهنا باقية .

                                                                                                                [ ص: 21 ] والجواب عن الثالث : الفرق أن الدية وجبت فلا يكون له منها شيء لئلا يتناقض .

                                                                                                                وميراث المرتد للمسلمين عند مالك و ( ش ) مات أو قتل ، وقال علي وابن مسعود وغيرهما لورثته من المسلمين [ اكتسبه قبل ردته أو بعدها ، وقيل ما بعد الردة للمسلمين ] واتفقوا على أنه لا يرث ورثته المسلمين .

                                                                                                                وميراث الذمي إذا مات لبيت المال عند مالك و ( ش ) و ( ح ) كما يعقلون عنه .

                                                                                                                وقال عمر - رضي الله عنه - للذين يؤدون جزيته ، وقال النخعي : لأهل قريته قوة على خراجهم ، وإذا مات أحد من أهل الصلح ولا وارث له ورثه المسلمون ، وعن مالك لأهل مؤداه لأن موته لا يضع عنهم شيئا ، وعلى هذا يفرق بين أن يشترط السقوط أم لا ، واتفق مالك والأئمة على أن التوارث منقطع بين المسلم والكافر ، وقال عمر وجمهور الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - وعن معاوية ومعاذ بن جبل : " يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم بفضل الإسلام ، كما نتزوج نساءهم ولا يتزوجون نساءنا " .

                                                                                                                فرعان مرتبان

                                                                                                                الأول : قال ابن يونس : إن أسلم قبل القسم أو عتق العبد لا ميراث عند مالك والأئمة لقيام المانع عند الموت ، وعن عمر وعثمان - رضي الله عنهما - يرثان نظرا لعدم القسمة ، واتفقوا بعد القسم على عدم التوريث .

                                                                                                                الثاني : الكفار المختلفون عندنا لا يرث اليهودي النصراني ولا النصراني اليهودي ، قاله في الجلاب ، لعدم المناصرة ، ووقوع العداوة كالمسلم ، وقيل الكل ملة واحدة لقوله تعالى : فمنكم كافر ومنكم مؤمن فجعل الإيمان ملة والكفر كله ملة ، ولقوله - عليه السلام - : " لا يرث المسلم الكافر ولا [ ص: 22 ] الكافر المسلم ، فجعل كل فريق قسما واحدا ، قاله ( ش ) و ( ح ) وغيرهما .

                                                                                                                والجواب : المعارضة بقوله تعالى : إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا فجعلهم مللا ، وقيل أهل الكتاب ملة ، والصابئون وعبدة الأوثان ملة لعدم كتاب لهم .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في المنتقى الزنديق وهو المنافق كمن يعبد شمسا أو حجرا سرا ، روى ابن القاسم عن مالك يرثه ورثته ، ومقتضاه أنه يقتل حدا وعنه لا يرثه ورثته ، ومقتضاه أنه يقتل كفرا .

                                                                                                                تنبيه : يتحصل أن التوارث لا يحصل بين ملتين إلا في أربع مسائل : الزنديق ، والصلحي ، والذمي ، والمرتد ، يرثهم بيت المال ، والصحيح أنه وارث ، وقيل حائز فيكون المستثنى الزنديق وحده .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الجواهر : إن تحاكم إلينا ورثة الكافر وتراضوا بحكمنا قسمنا بينهم على حكم الإسلام ، وإن امتنع بعضهم والجميع كفار لم نعرض لهم ، أو منهم مسلم قسمنا بينهم على رواية ابن القاسم على مواريثهم إن كانوا كتابيين ، وعلى قسم الإسلام إن كانوا من غير أهل الكتاب ، وقال سحنون : أهل الكتاب وغيرهم سواء .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الجواهر : المفقود أو الأسير إذا انقطع خبره إن كان له مال لا يقسم على ورثته ما لم تقم بينة على موته أو لا يعيش إلى مثل تلك المدة غالبا ، وحدها سبعون وقيل ثمانون وقيل تسعون ، فيقسم على ورثته الموجودين عند الحكم ، وإن مات [ ص: 23 ] له قريب حاضر توقفنا في نصيبه حتى نعلم حياة المفقود فيكون المال له ، أو يمضي تعميره فيكون مال الميت لورثته دون المفقود وورثته ، ( وإذا قسمنا على الحاضرين أخذنا في حقهم بأسوأ الأحوال حتى لا نورث بالشك ، كما نقول إن ماتت ) وتركت زوجا وأما وأختا وأبا مفقودا فالفريضة على أن المفقود ميت من ستة ، للزوج النصف ثلاثة ، ( وللأخت ثلاثة ، ويعال للأم بالثلث فتصير من ثمانية ، وعلى أنه حي من ستة أيضا للزوج النصف ثلاثة ) وللأم الثلث مما يبقى سهم ، وللأب سهمان ، فتتفق الفريضتان بالنصف فتضرب نصف إحداها في كامل الأخرى تكون أربعة وعشرين ، فللزوج ثلاثة من ثمانية بيقين مضروبة في ثلاثة نصف الفريضة الأخرى ، وإنما تكون له من ستة بصحة حياة الأب وهي غير معلومة ، الأخت لا ميراث لها من أختها إلا إذا صح موت الأب قبل الأخت وهو مجهول فلا ترث ، وللأم من ابنتها السدس يقينا سهم من ستة مضروب في أربعة نصف فريضة ثمانية ، وإنما يكون لها الثلث بالعول بصحة موت زوجها قبل ابنتها وهو مجهول ، ويبقى من الفريضة أحد عشر سهما إن صح أن الأب كان حيا يوم موت ابنته ، فللزوج ثلاثة من ستة مضروبة في أربعة باثني عشر ، في يده منها تسعة الباقي له ثلاثة من الموقوف ، وللأم سهم من ستة مضروب في أربعة ففي يدها جميع حقها ، وللأب سهمان من ستة مضروب في أربعة بثمانية ، فتدفع له الثمانية الباقية ، وإن ثبت موته قبل ابنته أو مات بالتعمير فكما تقدم : للزوج يقينا ثلاثة من ثمانية مضروبة في ثلاثة بتسعة وهي في يده ، وللأم اثنان من ثمانية في ثلاثة بستة في يدها أربعة يدفع إليها سهمان من الموقوف ، وللأخت ثلاثة من ثمانية في ثلاثة بتسعة ، فتدفع لها التسعة الباقية .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : إن كان للخنثى مبالان أعطي حكم ما بال منه ، فإن بال منهما اعتبرت [ ص: 24 ] الكثرة ، فإن استويا اعتبر السبق فإن استويا اعتبر نبات اللحية أو كبر الثديين ومشابهتهما لثدي النساء ، فإن اجتمع الأمران اعتبر حال البلوغ إن حاض فامرأة أو احتلم فذكر ، أو اجتمعا فهو مشكل ، وإن لم يكن له فرج لا للرجال ولا للنساء بل مكان يبول منه اعتبر البلوغ كما تقدم ، وحيث أشكل فميراثه نصف نصيبي ذكر وأنثى ، فتضرب مخرج التذكير في مخرج التأنيث إن تباينا ، وتستغني به عنه إن كان مثله أو داخلا فيه ، وتضرب الحاصل في حالتي الخنثى أو عدد أحوال الخناثى إن زادوا على الواحد ، ومعرفة الأحوال تعرف بالتضعيف ، كلما زدت خنثى أضعفت جميع الأحوال التي كانت قبله ، فللواحد حالان ، وللاثنين أربعة ، وللثلاثة ثمانية ، ثم كذلك ، فما انتهى إليه الضرب في الأحوال فمنه تكون القسمة .

                                                                                                                ثم لها طريقتان ، الأولى أن تنظر في المجتمع من الضرب كم يخص الخنثى منه على تقدير الذكورة ، وكم على تقدير الأنوثة ، فتضم أحدهما للآخر وتعطيه نصفه وكذلك الورثة ، الطريقة الثانية : تضرب نصيبه من فريضة التذكير في جملة فريضة التأنيث ، وتضرب نصيبه من فريضة التأنيث في فريضة التذكير ثم تجمع له ما يخرج منهما فهو نصيبه ، نحو خنثى وعاصب ، فريضة التذكير واحد إذ يحوز الذكر جميع المال ، وفريضة التأنيث من اثنين والواحد داخل فيهما تضرب اثنين في حال الخنثى بأربعة ، فعلى الطريقة الأولى للخنثى على تقدير الذكورة جميع المال وهو أربعة ، وعلى الأنوثة نصف المال فذلك مال ونصف تدفع نصف ذلك وهو ستة ، وربع المال وهو ثلاثة من الأربعة ، والسهم الباقي للعاصب ; لأنه على تقدير الذكورية لا يكون له شيء ، وعلى الأنوثة له النصف ، فلما ثبت له تارة وسقط أخرى أعطي نصفه وهو الربع ، وعلى الطريق الثاني للخنثى من فريضة التذكير سهم ( مضروب في فريضة التأنيث باثنين ، وله من فريضة التأنيث سهم مضروبا في فريضة التذكير بسهم ) فيجتمع له ثلاثة أسهم وهي ثلاثة أرباع [ ص: 25 ] المال ، وللعاصب سهم من فريضة التأنيث مضروب في فريضة التذكير بسهم وليس له شيء من فريضة التذكير .

                                                                                                                مثال آخر : له ولدان ذكر وخنثى ، ففريضة التذكير من اثنين ، وفريضة التأنيث من ثلاثة وهما متباينان ، فاثنان في ثلاثة ستة ، ثم في حال الخنثى باثني عشر ، فعلى الطريق الأول للخنثى على تقدير الذكورة ستة ، وعلى تقدير الأنوثة أربعة فله خمسة ، وللذكر على ذكورة الخنثى ستة وعلى الأنوثة ثمانية فله سبعة ، وعلى الطريق الثاني للخنثى من فريضة التذكير سهم مضروب له في ثلاثة فريضة التأنيث بثلاثة ، وله من فريضة التأنيث سهم مضروب له في فريضة التذكير وهي اثنان باثنين ، وذلك خمسة ، وللذكر من فريضة التذكير سهم في ثلاثة فريضة التأنيث ، وله من فريضة التأنيث سهمان في اثنين فريضة التذكير بأربعة فتجتمع سبعة وهي حصته .

                                                                                                                مثال آخر : ولدان خنثيان وعاصب ، للخنثيين أربعة أحوال ، فالفريضة على أنهما ذكران من اثنين ، وأنثيان من ثلاثة ، وكذلك في الحالين الآخرين ، أعني أحدهما ذكر والآخر أنثى من الجانبين ، فتستغني بثلاثة عن ثلاثة وثلاثة ، وتضربها في اثنين بستة ، ثم في الأحوال الأربعة بأربعة وعشرين ، فعلى الطريق الأولى : لكل واحد من الخنثيين على تقدير انفراده بالذكورة ستة عشر ، وعلى تقدير مشاركته فيها ( اثنا عشر ، وعلى تقدير انفراده بالأنوثة ثمانية وكذلك على تقدير مشاركته فيها ) وجملة ذلك أربعة وأربعون في الأحوال الأربع ، وإنما يرث بحالة واحدة فيكون له ربع الجميع وهو أحد عشر ، ويبقى للعاصب سهمان لأن الحاصل له في حالة من جملة الأحوال الأربعة الثلث فله ربعه وهو سهمان من أربعة وعشرين ، وعلى الطريق الثاني لكل واحد منهما من فريضة تذكيرهما سهم مضروب له في فريضة ثانيتهما وهي ثلاثة بثلاثة ، وله من فريضة ثانيتهما سهم مضروب له في اثنين فريضة تذكيرهما باثنين ، وله من فريضة [ ص: 26 ] تذكيره خاصة سهمان في اثنين فريضة تذكيرهما بأربعة ، وله من فريضة تأنيثه خاصة سهم في اثنين أيضا باثنين وجملة ذلك أحد عشر ، فهو نصيب كل واحد منهما ، وللعاصب سهمان ، وليس له شيء من الفرائض الثلاث المشتملة على الذكورة ، وإنما له في فريضة تأنيثهما سهم مضروب له في اثنين فريضة التذكير باثنين ، وعلى هذا النحو يعمل فيما زاد على الاثنين .

                                                                                                                تنبيه : قال صاحب المقدمات : لا يكون الخنثى المشكل زوجا ولا زوجة ولا أبا ولا أما ، وقيل قد وجد من له ولد من ظهره وبطنه ، فإن صح ورث من ابنه لصلبه ميراث الأب كاملا ، ومن ابنه لبطنه ميراث الأبم كاملا .

                                                                                                                تنبيه : قال ابن يونس : إن كان الخنثى صغيرا نظر لعورته ، أو كبيرا جعل يبول إلى حائط أو على حائط ، فإن ضرب بوله الحائط أو خرج عنه إن بال من فوقه فهو ذكر وإلا فأنثى ، وقيل يجعل أمامه مرآة وهو يبول فيظهر بها حاله ، وإذا انتهى الإشكال كما تقدم عدت الأضلاع ، فللرجل ثمانية عشر من الجانب الأيمن ومن الأيسر سبعة عشر وللمرأة من كل جانب ثمانية عشر لأن حواء من ضلع أضلاع آدم اليسرى فبقي الذكر ناقصا أبدا ضلعا من الأيسر ، قضى به علي - رضي الله عنه - وقال ( ح ) حكمه حكم أنثى لأنه المتيقن ، وقال ( ش ) إن أضر به كونه ذكرا فذكر أو أضر به كونه أنثى فأنثى ، ويوقف ما بين الحصتين حتى يثبت أحد الأمرين ، ويوقف أبدا كمال يجهل صاحبه ، وقيل بل يخرج على قاعدة الدعاوى فيقول أنا ذكر ولي كل المال ، ويقال له بل أنثى ولك نصف المال ، فيقع التداعي في النصف بعد تسليم النصف فيكون له ثلاثة أرباع المال ، فهذه أربعة أقوال يتفرع عليها الواقع من المسائل .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الجواهر : والشك في الوجود والذكورة جميعا في الحامل ، فيرغب الورثة في التعجيل ، قال الشيخ أبو إسحاق : لا تنفذ وصاياه ولا تأخذ امرأته أدنى سهميها حتى تضع فيتعين المستحق ، وعن أشهب ، يتعجل أدنى السهام الذي لا [ ص: 27 ] يشك فيه ; لأن تأخيره لا يفيد إذ لا بد من دفعه ، وقيل يوقف ميراث أربع ذكورة ; لأنه أكثر ما تلده ، وقد ولدت أم ولد إسماعيل أربعة ذكورا : محمدا وعمر وعليا وإسماعيل وبلغ محمد وعمر وعلي الثمانين .

                                                                                                                فرع : في المنتقى عن يحيى الفرضي في الصبي يموت وله أم متزوجة ، لا ينبغي لزوجها وطؤها حتى يتبين أن بها حملا أم لا لمكان الميراث ; لأنها إن كانت حاملا ورث ذلك الحمل أخاه لأمه ، وقال أشهب : لا ينعزل عنها ، فإن وضعت لأقل من ستة أشهر ورث أخاه ، أو لأكثر من ستة أشهر أو تسعة أشهر أو أكثر من ذلك لم يرثه ، وإن كان زوجها غائبا عنها غيبة بعيدة لا يمكنه الوصول إليها ورث إن ولدت لأكثر من تسعة أشهر .

                                                                                                                فرع : غريب

                                                                                                                سئل بعض الفضلاء عن أخوين ماتا عند الزوال أو غروب الشمس أو نحو ذلك من الأوقات ، لكن أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب ، فهل يتوارث الإخوة أو لا يتوارثان لعدم تيقن تقدم أحدهما على الآخر أو يرث أحدهما الآخر من غير عكس .

                                                                                                                أجاب بأن المغربي يرث المشرقي بسبب أن الشمس تزول أبدا بالمشرق قبل المغرب ، وكذلك غروبها وجميع حركاتها ، فالمشرقي مات قبل المغربي قطعا لقول السائل ماتا معا عند الزوال في المشرق والمغرب فيرثه المغربي جزما .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية