الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                النوع الثاني والعشرون : مخالطة الذكور للإناث ونحوه

                                                                                                                في " المقدمات " : لا يحل للرجل أن يخلو بامرأة ليست منه بمحرم ، لقوله عليه السلام : " إن الشيطان ثالثهما " ، معناه : يوسوس بينهما ، وإذا كان معه غيره خشي أن يطلع عليه تحدثه بالمعصية ، ويجوز النظر للمتجالة ، لقوله تعالى ( والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة ) ، ولا يجوز له أن ينظر للشابة إلا لعذر من شهادة ، أو علاج ، أو [ ص: 316 ] إرادة زواجها ، لقوله عليه السلام : " هل نظرت إليها فإنه أحرى أن يدوم بينكما " . وتقدم بسطه في النكاح .

                                                                                                                ويجوز للعبد أن يرى من سيدته ما يراه ذو المحرم منها لقوله تعالى : ( وما ملكت أيمانكم ) إلا أن يكون له منظر ، فيكره أن يرى ما عدا وجهها ، ولها أن تؤاكله إن كان وغدا دنيا يؤمن منه التلذذ بها ، بخلاف الشاب الذي لا يؤمن ، واختلف في غير أولي الإربة الذين في الآية ، فقيل : الأحمق المعتوه الذي لا يهتدي لشيء من أمر النساء ، وقيل : الحصور ، والعنين الذي لا ينتشر للنساء ، وكذلك الخصي ، والأول لمالك ، ويؤيده قول النبي عليه السلام في المخنث الذي كان يلج على أزواجه : لا يدخل هؤلاء عليكن ، ولا يجوز للخصي الدخول على المرأة إلا أن يكون عبدها ، واستخف إذا كان عبد زوجها للمشقة الداخلة عليها في استتارها منه ، وعنه : جواز دخوله عليها إذ لم يكن حرا ، وكان عبد زوجها ، أو عبدها ، أو لغيرهما استحسانا .

                                                                                                                ويفرق بين الصبيان في المضاجع ، قيل : لسبع سنين ، وقيل : لعشر إذا ضربوا على الصلاة ، وهو ظاهر قوله عليه السلام : " مروهم بالصلاة لسبع ، واضربوهم عليها لعشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع ، ولا يجتمع رجلان ، ولا امرأتان متعريين في لحاف ، لنهيه عليه السلام عن معاكمة الرجل للرجل بغير شعار ، ومعاكمة المرأة المرأة بغير شعار ، والمعاكمة هي ذلك لغة ، والمتاع المعكوم أي المشدود بعضه لبعض ، وعكيم المرأة ضجيعها .

                                                                                                                قال ابن يونس : يجوز له رؤية فرج امرأته في الجماع ، ومنع مالك رؤية خادم [ ص: 317 ] الزوجة فخذ زوجها ، ولا يدخل عليه المرحاض ، وكذلك خادم ابنه وأبيه ، ولا بأس أن ينظر الرجل إلى شعر أم زوجته ، ولا ينبغي إن قدم من سفر أن تعانقه ، وإن كانت عجوزا ، وليبعد من أخت امرأته ما استطاع ، ويتقدم للصناع في قعود النساء إليهم ، ولا تجلس الشابة عند الصانع إلا الخادم الدون ، ومن لا يتهم فيها .

                                                                                                                قال مالك : لا بأس أن تغتسل المرأة في الفضاء بغير مئزر ، قال ابن أبي زيد ، قيل : لمالك : أيجامع امرأته ليس بينهما ستر ؟ قال : نعم ، قال : إنهم يرون كراهيته ، قال : ألغ ما يتحدثون ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم ، وعائشة - رضي الله عنها - يغتسلان عريانين ، فالجماع أولى .

                                                                                                                قال مالك : لا بأس أن يأتزر تحت سرته ، ويبدي سرته إن كان عظيم البطن ، وأنكر ما يفعل جواري المدينة ، يخرجن قد كشفن ما فوق الإزار ، قال : وقد كلمت فيه السلطان فلم أجب لذلك ، قيل له : فغلام بعضه حر هل يرى شعر سيدته ؟ قال : لا أحبه ، واحتجبت عائشة - رضي الله عنها - عن أعمى ، فقيل : لها إنه لا ينظر إليك ، قالت : لكن أنظر إليه ، قال : ولا يعجبني النظر إلى شعر نساء النصارى ، قال اللخمي : يرى المكاتب شعر سيدته ، بخلاف المشرك ، وإن كان وغدا .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية