الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفصل الخامس : في الواجب فيه ، وهو ربع العشر - عندنا - ويصرف في مصارف الزكاة لا في مصارف الفيء قاله في ( الكتاب ) ووافقه ( ش ) وابن حنبل ، وقال ( ح ) : الخمس محتجا بقوله عليه السلام : ( وفي الركاز الخمس ، قيل له : وما الركاز ؟ قال : هو الذهب والفضة المخلوقان في الأرض يوم خلق الله السماوات و الأرض ) ولأنه كان في أيدي المشركين فأزلناهم عنه ، فيجب فيه الخمس كالغنائم ، وإعراض الغانمين عنه لا يسقط حق الله تعالى ، والجواب عن الأول : المعارضة بما تقدم من الحديث الصحيح ، وعن الثاني : النقض بما إذا وجده في داره . فقد قال فيه : ربع العشر ، وفي ( الموطأ ) : ( أنه عليه السلام أقطع بلال بن [ ص: 64 ] الحارث المزني معادن القبلية ، وهي من ناحية الفرع ، فتلك المعادن لا يوخذ منها إلى اليوم إلا الزكاة ) وهذا إجماع .

                                                                                                                فائدة : من ( التنبيهات ) القبلية بفتح القاف والباء بواحدة وكسر اللام ، والفرع بضم الفاء والراء . وحكي إسكان الراء قال غيره : القبلية نسبة إلى ساحل البحر ، وفي ( الكتاب ) : النذرة والتابة يوجد بغير عمل أو بعمل يسير ، فيها الخمس كالركاز ، قال سند : المعتبر عند ابن القاسم : التصفية دون الحفر والطلب مما لا تصفية فيه فهو الندرة ، وروي عن مالك فيها الزكاة لظاهر الحديث ، وتغليبا للأصل ، ولأن الخمس إنما وجب في الركاز لشبهه بالغنيمة لكونه من أموال الكفار وهذا نبات الأرض ، وراعى المذهب خفة العمل اعتبارا بالسيح والنضح في الزرع ، وفي ( الجواهر ) : التفرقة بين القليل فتجب الزكاة وبين الكثير فالخمس . وقال الشيخ أبو الحسن : إن كانت ممازجة للتراب تحتاج إلى تخليص فهي كالمعدن ، قال سند : وإذا قلنا بالزكاة اعتبرنا النصاب قولا واحدا وضممناها إلى المعدن . وإن قلنا بالخمس فعلى الخلاف في الركاز .

                                                                                                                فائدة : الندرة بفتح النون وسكون الدال : المنقطع من الذهب والفضة عن هيئته ، ومنه : ندر العظم أي قطعه ، ونادر الكلام ما خرج عن أسلوبه .

                                                                                                                سؤال : المعدن يشبه النقدين في جوهره ، والزرع في هيئته فلم رتب على شبه النقد النصاب والجزء الواجب دون الحول - وهو من أحكام النقد - ورتب إسقاطه لشرع الزرع ، فما المرجح ؟ جوابه : أن الجواهر أصل ، والهيئة فرع ، والنصاب سبب ، وهو أصل الحكم ، والحول شرط تابع ، فجعل الأصل للأصل والتبع ، ولما كان السبب مستلزما لمسببه الذي هو الجزء الواجب ألحق به وبعدم اشتراط الحول . قال الأئمة : لأن المعدن فيه حق ، فلو اشترط الحول لكان المأخوذ [ ص: 65 ] حق العين فيبطل حق المعدن ، وهو خلاف الإجماع . قال سند : وظاهر كلام مالك : أن الزكاة تجب بانفصاله من المعدن ، كما تجب في الزرع والثمرة ببدو الصلاح . ويقف الإخراج على التصفية والكيل كالزرع ، ولا تسقط منه النفقة والكلف كالزرع ، وقاله الشافعية في الموضعين خلافا ل ( ح ) .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية