الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : باع ثوبا بمائة درهم إلى شهر فلا يبعه بخمسين نقدا ، ويجوز بثوب ، أو بطعام نقدا ; لأن البيع الأول لغو لرجوع الثوب ، ويصير بيع الثوب الثاني أو الطعام بالدراهم ، ولا يجوز إلى أجل دونه ، أو أقرب منه ، أو أبعد ; لأنه دين في دين ، ولو بعت بعشرة محمدية إلى شهر فلا تبع بعشرة يزيدية إلى ذلك الشهر ، لأنه بيع محمدية بيزيدية إلى أجل . قال ابن يونس : فلو كانت يزيدية إلى أجل ابتاعه بمحمدية نقدا جاز ; لأنها أجود كما لو باع بأكثر من الثمن نقدا والعكس ممتنع .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : عبدان بعشرة إلى أجل لا يبتاع أحدهما بأقل نقدا يمتنع ; لأنه بيع وسلف ، ويجوز قصاصا وبعشرة نقدا ; لأنه بيع وسلف ، وفضة وسلعة بفضة ، وثوب بعشرة محمدية إلى شهر يمتنع بخمسة يزيدية إلى شهر وثوب نقدا ; لأن الثوب لغو ويصير الثاني بخمسة على أن يبدل لك عند الأجل خمسة بخمسة من سكة أخرى ، ويمتنع ابتياعه بثوب أو ثوبين من صنفه إلى أبعد من الأجل ، أو أقرب ; لأنه دين بدين ، والثوب لغو ، وثوب بدراهم إلى شهر ، يمتنع [ ص: 10 ] بدينار نقدا ; لأنه صرف مستأخر ، ويجوز بعشرة من دينار نقدا لنفي التهمة ، ولا يعجبني بذهب يساوي في الصرف ذلك ، ويمتنع بثوب ودينار نقدا ; لأنه عرض وذهب بفضة مؤخرة ، ولا تعجبني بعرض وفلوس ; لأنه فلوس بدراهم إلى أجل .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب أردب طعام بدينار إلى أجل ، ممتنع شراؤك من صنفه أردبين بدينار نقدا ; لأنه رد إليك طعامك وزادك أردبا على أن تسلفه دينارا ، ويمتنع من الصنف مثل الكيل أو أقل بأقل من الثمن نقدا ; لأنه في مثل الكيل سلف بنفع ، وفي الأقل بيع وسلف ، وبمثل الكيل بمثل الثمن فأكثر نقدا يجوز ; لانتفاء التهمة ، وكذلك كل موزون ومكيل في هذا ، قال ابن يونس : معنى الصنف هاهنا : محمولة من محمولة إما سمراء ، أو شعيرا من محمولة فلا تهمة ، وفي التنبيهات : وقيل أراد جنسه ، وفي الكتاب : لو كان مكان الطعام ثوبا جاز صنفه قبل الأجل بأقل من الثمن أو أكثر نقدا وإلى أجل ; لأن مستهلك الثوب عليه القيمة بخلاف المثليات .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : عبدان ، أو ثوبان بثمن إلى أجل تجوز الإقالة من أحدهما ، وإن غاب عليهما . ما لم يتعجل ثمن الآخر ، أو يؤخره أبعد من الأجل ; لأنه سلف لأجل الإقالة ، ولو كان طعاما امتنعت الإقالة من بعضه إذا غاب عليه حل الأجل أم لا لاحتمال تبديله فيصير طعاما بطعام وفضة ، وإن لم يغب ، أو شهدت على غيبته بينة جاز ما لم ينقدك الآن ثمن باقيه ، أو يعجله لك قبل محله ; لأنه عجل ذهبا على أن يبيعه ، ولأنه طعام وذهب نقدا بذهب مؤجل .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : فرس أسلم في عشرة أثواب إلى أجل ، فأعطاك خمسة قبل [ ص: 11 ] الأجل مع الفرس أو مع سلعة سواه على أن تبرئه من بقية الثياب لم يجز ; لأنه بيع وسلف ، وضع وتعجل ; لأن المعجل سلف ، والفرس أو السلعة بيع للخمسة الثانية ، ولو كانت قيمة السلعة المعجلة أضعاف قيمة الثياب المؤخرة لم يجز لامتناع سلم ثوب وسلعة أكثر ثمنا في ثوبين من صنفه .

                                                                                                                قال ربيعة : ما لا يجوز سلم بعضه في بعض لا يؤخر قصا منه يلزم : ضع وتعجل ، إذا كانت قيمة فرس أو السلعة أقل ، قال : وهو ضعيف يلزم عليه المنع إذا لم يقاربه سلف كدفع السلعة أو الفرس ، وهما أقل قيمة من العشرة الأثواب ، ولا يختلف المذهب في جوازه ، وإنما يكون ضع وتعجل إذا حط من صنف ما عليه ويعجل باقيه ، وإذا قلنا بالمنع ونزل فلا يفسخ إلا العقد الثاني في مسألة الفرس قولا واحدا ، بخلاف إذا اشترى قبل الأجل بأقل من الثمن فخلاف ، لدخول التهمة في العقدين بخلاف الفرس ، فإن مات الفرس فالقيمة يوم القبض بقبضه في بيع فاسد ، وفي العبدين بثمن إلى أجل ، ويشتري أحدهما بشرط تعجيل ثمن الآخر ، وإذا نزل وفات العبد المقبوض لا يحكم فيه بالقيمة ; لأنها إن عجلت وهي عين ، وترجع عند الأجل بعين أكثر منها ، ومسألة الفرس يرجع عند الأجل بثياب فلا فساد ، ولو أخذ فرسا مثل فرسه مع الخمسة الأثواب ففي فسخ العقد الأول قولان ; لأنهما بهما في سلف بزيادة ; لأنه دفع فرسا وأخذ بعد ذلك فرسا وخمسة أثواب ، ولو أخذ الفرس بخمسة من العشرة جاز قولا واحدا ، قال ابن يونس : لو دفع قبل الأجل أحد عشر ثوبا من جنسها وأعطى خمسة مع الفرس أو سلعة وأبقى الخمسة إلى أجلها امتنع ، وحيث منعنا وعجل الثياب مع الفرس ، وفاتت الثياب بالقيمة ، وإن جعلناها سلفا ; لأن السلف الفاسد يرد إلى البيع الفاسد ، فيجيب في المثل المثل ، وفي غيره القيمة ، قال أبو الطاهر : إذا كانت قيمة الفرس أقل من الخمسة دخله : ضع وتعجل ، أو أكثر دخله : حط [ ص: 12 ] عني الضمان وأزيدك ، ويدخله : بيع وسلف ; لأن الفرس المردود مبيع الخمسة والخمسة المعجلة سلف حتى يأخذها من ذمته عند الأجل ، وفي هذا الأصل قولان : المشهور هذا ، وجوزه المتأخرون ; لأن الذمة قد برئت ولا سلف ; لأنه لو كان سلفا لوجب أخذه في الفلس ويحاص فيه غرماؤه ، ويدخله : حط عني الضمان وأزيدك ، إن قصد أن الزيادة لحط الضمان ، لكن الغالب من الناس خلافه ، وإذا عجل الخمسة ففي الكتاب : المنع ، وفي كتاب محمد : الجواز .

                                                                                                                وإن أخرت عن أجلها امتنع اتفاقا لحصول البيع في المردود والسلف في المؤخر ، وحيث منعنا ففات المبيع مضى بالقيمة ، وهل يمضي السلف بالقيمة ، أو المثل ؟ قولان على الاختلاف في السلف الفاسد هل يقضي فيه بالقيمة ، أو المثل على الخلاف في كل مستثنى من أصل إذا فسد ، هل يرد إلى أصل نفسه أو أصل أصله كالقراض والمساقاة والحمالة . ؟

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية