الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا استأجر صبيا أو مجنونا بغير إذن وليه ، امتنع ، فإن وقع فالأكثر من المسمى ، أو أجرة المثل لوجود السببين ، كالتعدي في الدابة والغصب ، فإن عطبا في عمل يعطب في مثله : خير السيد بين الكراء وقيمة العبد لوجود السببين كذلك ، وفي الصبي الأكثر من المسمى والأجرة ، والدية على [ ص: 374 ] العاقلة ، وإذا أنكر السيد إذنه لعبده غب الإجارة لم يضمن مستعمله بأجر ; لأن الأصل براءته من الضمان إلا أن يؤاجره في غرر كالبئر ذات الحمأة تحت الجدران ، وإن أذن السيد ; لأنه لم يؤذن له في التغرير بنفسه ، وإن سافر به بغير إذن سيده ضمنه ، قال صاحب التنبيهات : سواء هاهنا وفي كتاب الاستحقاق بين الغصب والتعدي ، وفرق بينهما في كتاب الغصب والآبق إذا استعمله بغير إذن سيده ضمنه في العمل الذي لا يعطب في مثله لوضع يده عليه كالغاصب ، وإذا استعانه في الخياطة فعطب حتف أنفه ففي تضمينه قولان ، فإن كان العمل يهلك غالبا ضمن اتفاقا إذا هلك بسببه ، وإلا فخلاف ، ويضمن بالسفر اتفاقا هلك أم لا ؟ ويخير سيده بين القيمة والأجرة ، وله الأجرة إلى يوم السفر ، ولا يضمن في السفر القريب الذي لا يحبسه عن أسواقه ، وعن مالك : يضمن العبد في الاستعانة فيما في مثله الإجارة بخلاف الإجارة فيه ، فقيل : هذا خلاف ابن القاسم لأنه لا يضمن في الإجازة إلا فيما يعطب في مثله ، ويضمن في الاستعانة فيما يستأجر على مثله ، وإن لم يعطب فيه ; لأن العبد لم يؤذن له في هبة منافع نفسه ، وهما سواء عند مالك يضمن فيما في مثله الإجارة ، وإن كان لا يعطب في مثله ، وقيل : إنه وفاق في الاستعانة ، وقيل : لا ضمان فيها إلا فيما يعطب في مثله ، وعليه حمل التونسي مذهب الكتاب ، قال اللخمي : إذا استؤجر الصبي بغير إذن وليه ، أمضاه وليه إن كان نظرا وإلا رده ، وفي الكتاب : إذا استعان غير بالغ فيما في مثله الإجارة ضمنه ، وما لا إجارة فيه كمناولة النعل ونحوه فلا عقل فيه في حر ولا عبد .

                                                                                                                قاعدة : أسباب الضمان ثلاثة : الإتلاف : كإحراق الثوب وقتل الدابة ، [ ص: 375 ] والتسبب للإتلاف : كحفر البئر ليقع فيه معصوم الدم أو الاستعمال في الغرر ، ووضع اليد غير المؤمنة : كالغاصب ، وقابض المبيع بالعقد الفاسد . فعلى هذه القاعدة : تتخرج هذه الفروع المتقدمة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا بلغ اليتيم في أثناء المدة لا يلزمه الباقي ، وقاله ( ش ) و ( ح ) ; لأن الأقل عدم نفوذ تصرف الإنسان على غيره ، وكالأمة تعتق تحت العبد إلا في اليسير كالشهر لأنه تبع ، وألزمه أحمد مطلقا ; لأن تصرف الولي صحيح ، والصحيح لا يبطل .

                                                                                                                وجوابه : إن كشف الغيب على أن الصحة مخصوصة ببعض المدة ، فإن ادعى الصحة مطلقا فهي مصادرة ، ولا يؤاجره وصي ولا أب بعد احتلامه لزوال الحجر ، وأما كراء ربعه ودوابه سنين فاحتلم بعد سنة ولم يظن به ذلك لزمه الباقي ; لأن الولي معذور ، ولولا ذلك لتزلزلت قواعد تصرفه ، وقال غيره : يلزمه إلا فيما قل كالنفس ، وإن ظن به بعد البلوغ قبل العمدة لم يلزمه في نفسه ولا في ملكه ; لعدم العذر في التصرف ، وأما السفيه البالغ يعقد عليه وليه أو السلطان ربعه أو رقيقه فتلتزمه العمدة إذا انتقل حاله ; لأن انتقاله غير منضبط بخلاف البلوغ ، وقال غيره : إنما يؤاجر على مثل هذا هذه الأشياء نحو السنة ; لأنه غالب كراء الناس ، وله فسخ ما كثر ، قال صاحب التنبيهات : ظاهر كلامه يقتضي الخروج من الإيصاء ، ولا خلاف أن هذا لا يكون في الوصي ، واختلف في الأب ، والمشهور التسوية ، بل يحمل على أنه بلغ رشيدا .

                                                                                                                [ ص: 376 ] فرع

                                                                                                                في الكتاب : ليس لك كراء ربع امرأتك إلا بإذنها ; لأنها مطلقة التصرف .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية