الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أن حكم ماء البئر فيما ينجس به ولا ينجس كحكم غيره من المياه الراكدة . فلا يخلو حال [ البئر إذا وقعت فيها النجاسة مائعة أو قائمة من أن يكون ماؤها قليلا أو كثيرا ، فإن كان ماؤها قليلا فهو نجس سواء تغير بالنجاسة أو لم يتغير لكنه إذا كان متغيرا فطهارته بالاجتماع ، ومغير أحدهما المكاثرة بالماء حتى يبلغ قلتين ، والثاني زوال التغيير ، وإن كان غير متغير فطهارته بوصف واحد وهو المكاثرة حتى يبلغ قلتين ، فإن صب عليه الماء فلا يخلو حال ] الماء الوارد من أن يكون أكثر من المورود عليه أو أقل فإذا كان أقل فالكل نجس : لأن الوارد لقلته صار مستهلكا في المورود عليه لكثرته ، وإن كان أكثر فهو في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسة ، فعلى مذهب الشافعي يكون طاهرا غير مطهر ، وعلى مذهب الأنماطي يكون نجسا وإن كان ماء البئر كثيرا قلتين فصاعدا فلا يخلو إما أن يكون متغيرا أو غير متغير ، فإن كان غير متغير فهو طاهر ، والكلام في استعماله على ما مضى من كون النجاسة قائمة أو مائعة ، وإن كان متغيرا فهو نجس ، وطهارته معتبرة بزوال تغييره ولزوال تغييره ثلاثة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يزول بنفسه لطول المكث وتقادم العهد فيعود إلى حال الطهارة .

                                                                                                                                            والثاني : أن يزول تغييره بالمكاثرة بالماء فيكون طاهرا سواء كان الوارد عليه قليلا أو كثيرا .

                                                                                                                                            والثالث : أن يزول تغييره بإلقاء شيء فيه لا يخلو حال الشيء الملقى من أن يكون ترابا أو غير تراب ، فإن كان غير تراب ، كالطيب وما جرى مجراه من ذي رائحة غالبة فالماء على نجاسته لأننا لم نتيقن زوال التغير ، وإنما غلب عليها ما هو أقوى رائحة منها فخفيت معه ، وإن كان ترابا ففي طهارته قولان حكاهما المزني في جامعه الكبير :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يطهر قياسا على زوال التغير بالطيب .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أنه لا يطهر : لأن التراب لا ينفك من الماء غالبا ، وهو قرار له ، فقد يتغير الماء مع كونه فيه فإذا زال التغير لحصول التراب فيه دل على استهلاك النجاسة بزوال تغييرها ، وأن التراب قد جذبها إلى نفسه حتى لم يبق في الماء شيء منها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية