الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا قيل بمذهب ابن أبي ليلى أن القول قول الخياط فوجهه في المصالح شيئان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن العادة جارية بأن الخياط يعمل في الثوب ما أذن له فيه ، ولا يقصد خلافه وإن جرى غير ذلك فنادر فصارت العادة مصدقة لقول الخياط دون رب الثوب . والثاني : أن الخياط لما صدق على الإذن المبيح لتصرفه صار مؤتمنا ، فلم يقبل ادعاء رب الثوب عليه فيما يوجب غرما ؛ لما في ذلك من الإفضاء إلى أن لا يشاء مستأجر أن يثبت غرما ويسقط أجرا إلا ادعاء خلافا ، وهذا يدخل على الناس ضررا ، فعلى هذا يحلف الخياط بالله تعالى : لقد أمره أن يقطعه قباء ، ولا غرم عليه .

                                                                                                                                            واختلف أصحابنا هل له الأجرة أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي أنه لا أجرة له : لأن قوله إنما قبل في سقوط الغرم : لأنه منكر ، ولم يقبل قوله في الأجرة : لأنه فيها مدع ، فعلى هذا إن كانت الخيوط لرب الثوب لم يكن للخياط نقض الخياطة : لأنها آثار مستهلكة ويصير الثوب قباء مخيطا لربه ، وإن كانت الخيوط للخياط فله استرجاعها وضمان ما نقص من الثوب بأخذها إلا أن يتراضيا على دفع قيمتها .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة وطائفة أن له الأجرة : لأنه قد صار محكوما بقبول قوله في الإذن ، فعلى هذا اختلفوا هل يستحق المسمى أو أجرة المثل على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : المسمى من الأجرة بتحقيق ما حكم به من قبول قوله .

                                                                                                                                            [ ص: 438 ] والثاني : أجرة المثل لئلا يصير مقبول القول في العقد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية