الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " فإذا نكحها فهي كالمسلمة فيما لها وعليها إلا أنهما لا يتوارثان ، والحد في قذفها التعزير " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا أنكح المسلم كتابية ، فما لها وعليها من حقوق العقد كالمسلمة : لعموم قوله تعالى : ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف [ البقرة : 238 ] ولأنه عقد معاوضة ، فاستوى فيه المسلم وأهل الذمة ، كالإجارات والبيوع ، [ ص: 227 ] وإذا كان كذلك ، فالذي لها عليه من الحقوق المهر ، والنفقة ، والكسوة ، والسكنى ، والقسم ، والذي له عليها من الحقوق تمكينه من الاستمتاع ، وأن لا تخرج من منزله إلا بإذنه ، وهذه هي حقوق الزوجية بين المسلمين ، وكذلك بين المسلم والذمية .

                                                                                                                                            فأما أحكام العقد فهي الطلاق ، والظهار ، والإيلاء ، واللعان ، والتوارث ، وكل هذه الأحكام في العقد على الذمية ، كما في العقد على المسلمة إلا في شيئين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنهما لا يتوارثان : لقوله صلى الله عليه وسلم : لا يرث المسلم الكافر ، ولا الكافر المسلم .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أن الحد في قذفها التعزير : لأن الإسلام شرط في حصانة القذف برواية نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من أشرك بالله فليس بمحصن فإن أراد أن يلاعن ليسقط به هذا التعزير جاز : لأن التعزير ضربان :

                                                                                                                                            الأول : تعزير أذى لا يجب .

                                                                                                                                            الثاني : وتعزير قذف يجب .

                                                                                                                                            فتعزير الأذى : يكون في قذف من لا يصح منها الزنا كالصغيرة والمجنونة ، فلا يجب ، ولا يجوز فيه اللعان ، وتعزير القذف يكون في قذف من يصح منها الزنا ، ولم تكمل حصانتها كالأمة والكافرة ، فيجب ، ويجوز فيه اللعان ، فأما ما سوى هذين الحكمين من الطلاق والظهار والإيلاء والرجعة ، فهي في جميعه كالمسلمة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية