الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ويجبرها على الغسل من الحيض والجنابة " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وأما إجبار الذمية على الغسل من الحيض ، فهو من حقوق الزوج : لأن الله تعالى حرم وطء الحائض حتى تغتسل بقوله تعالى : ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله [ البقرة : 222 ] وكان للزوج إذا منعه الحيض من وطئها أن يجبرها عليه ليصل إلى حقه منها .

                                                                                                                                            فإن قيل : الغسل عندكم لا يصح إلا منه ، ولا فرق عندكم بين من لم ينو ومن لم يغتسل ، ومع الكفر والإجبار لا تصح منها نية .

                                                                                                                                            قيل : في غسلها من الحيض حقان :

                                                                                                                                            أحدهما : لله تعالى ، لا يصح إلا بنية .

                                                                                                                                            [ ص: 228 ] والآخر : للزوج ، يصح بغير نية ، فكان له إجبارها في حق نفسه ، لا في حق الله تعالى ، فلذلك أجزئ بغير نية ، ألا ترى أنه يجبر زوجته المجنونة على الغسل في حق نفسه ، وإن لم يكن عليها في حق الله تعالى غسل ، وغير ذات الزوج تغتسل في حق الله تعالى ، وإن لم يكن للزوج عليها حق ، وكذلك نجبر الذمية على الغسل من النفاس : لأنه يمنع من الوطء كالحائض ، فأما إجبار الذمية على الغسل من الجنابة ، ففيه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يجبرها عليه بخلاف الحيض : لأنه قد يستبيح وطء الجنب ، ولا يستبيح وطء الحائض ، فافترقا في الإجبار .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أنه يجبرها عليه ، وإن جاز وطئها مع بقائه : لأن نفس المسلم قد تعاف وطء من لا تغتسل من جنابة ، فكان له إجبارها عليه : ليستكمل به الاستمتاع ، وإن كان الاستمتاع ممكنا ، فأما الوضوء من الحدث فليس له إجبارها عليه قولا واحدا : لكثرته ، وأن النفوس لا تعافه ، وإنه ليس يصل إلى وطئها إلا بعد الحدث ، فلم يكن لإجبارها عليه تأثير .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية