الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما إذا اختلفا بعد الدخول فقالت الزوجة : أسلمت أيها الزوج بعد انقضاء عدتي فلا نكاح بيننا ، وقال الزوج : بل أسلمت قبل انقضاء عدتك فنحن على النكاح ، فالذي نص عليه الشافعي : أن القول قول الزوج مع يمينه : اعتبارا بالأصل في ثبوت النكاح ، ونص في مسألتين على أن القول قول الزوجة في بطلان النكاح بخلاف هذا :

                                                                                                                                            إحداهما : المطلقة الرجعية ، إذا قال الزوج : راجعتك قبل انقضاء عدتك فنحن على النكاح ، وقالت الزوجة : بل انقضت عدتي قبل رجعتك فلا نكاح بيننا ، قال الشافعي : القول قول الزوجة مع يمينها ، ولا رجعة .

                                                                                                                                            والمسألة الثانية : إذا ارتد الزوج المسلم بعد الدخول ، ثم عاد إلى الإسلام ، واختلفا ، فقال الزوج : أسلمت قبل انقضاء عدتك فنحن على النكاح ، وقالت الزوجة بل انقضت عدتي قبل إسلامك فلا نكاح بيننا .

                                                                                                                                            [ ص: 292 ] قال الشافعي : القول قول الزوجة مع يمينها ، فجعل في مسألة الرجعة والردة القول قول الزوجة في رفع النكاح ، وجعل في إسلام المشركين القول قول الزوج في بقاء النكاح ، فاختلف أصحابنا في هذه المسائل الثلاث على ثلاثة طرق :

                                                                                                                                            أحدها : أن نقلوا جوابه في الرجعة والردة إلى الإسلام في حق الزوجين ، وجوابه في إسلام الزوجين إلى الرجعة والردة ، وخرجوا المسائل الثلاث على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن القول قول الزوج في بقاء النكاح على ما نص عليه في إسلام الزوجين .

                                                                                                                                            والثاني : أن القول قول الزوجة في رفع النكاح على ما نص عليه في الرجعة والردة ، ولعل هذه طريقة أبي حفص بن الوكيل ، وأبي الطيب بن سلمة .

                                                                                                                                            والطريقة الثانية : أنه ليس ذلك على اختلاف قولين ، وإنما هو على اختلاف حالين ، فالموضع الذي يحصل فيه : القول قول الزوجة في رفع النكاح إذا بدأت فأخبرت بانقضاء عدتها قبل رجعة الزوج وإسلامه فادعى الزوج تقدم رجعته وإسلامه فالقول قولها ، والموضع الذي جعل فيه القول قول الزوج في بقاء النكاح إذا بدأ فأخبر أنه راجع وأسلم في العدة ، فادعت الزوجة انقضاء عدتها قبل الإسلام والرجعة : لأن قول من سبق منهما مقبول فلم يبطل بما حدث بعده من دعوى . وهذه طريقة أبي علي بن خيران .

                                                                                                                                            والطريقة الثالثة : بل هو على اختلاف حالين على غير هذا الوجه : أن القول قول من اتفقا على صدقه في زمان ما ادعاه لنفسه .

                                                                                                                                            مثاله : أن تقول الزوجة : انقضت عدتي في رمضان وأسلمت أنت أو راجعت في شوال ، فقال : بل أسلمت وراجعت في شعبان ، فالقول قول الزوجة : لاتفاقهما على زمان انقضاء عدتها ، واختلافهما في رجعة الزوج وإسلامه ، ولو قال الزوج : لعمري أنني أسلمت وراجعت في شوال ، لكن انقضت عدتك في ذي القعدة ، كان القول قول الزوج : لاتفاقهما على زمان إسلامه ورجعته في زمان انقضاء عدتها ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية