الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ القول في البغض ] .

                                                                                                                                            فصل : وأما الفصل الثالث : في البغض : فهو على ثلاثة أضرب : مستحب ، ومباح ومكروه .

                                                                                                                                            فأما المستحب : فهو بغضه لأهل المعاصي ، فيكون بغضه لهم طاعة يؤجر عليها لاختصاصه بحق الله تعالى .

                                                                                                                                            وأما المباح : فهو بغضه لمن لوى حقه وتظاهر بعداوته ، فيكون السبب الباعث عليه من أمور الدنيا مباحا ، ولا يؤجر عليه ولا يؤثم به ، وهو فيه على عدالته وقبول شهادته ، ما لم يتجاوز البغض إلى غيره .

                                                                                                                                            وأما المكروه : فهو بغضه لمن خالفه في نسب ، أو علم ، أو صناعة ، فيكون البغض لهذا السبب مكروها لما فيه من التقاطع .

                                                                                                                                            [ ص: 202 ] فإن ألب عليه وتعصب فيه كان جرحا ترد به الشهادة ، وإن لم يتجاوز البغض إلى ما سواه كان على عدالته وقبول شهادته ، لأنه قد حمى نفسه من نتائج البغض .

                                                                                                                                            فأما إن كان بغضه لغير سبب ، فإن كان خاصا في واحد بعينه ، لم ترد به شهادته ، لأنه لا يملك قلبه ، وإن كان عاما لكل أحد ، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " شر الناس من يبغض الناس ويبغضونه " فيكون ذلك جرحا فيه ، فترد به شهادته لخروجه عن المأمور به من الألفة ، إلى المنهي عنه من التقاطع .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية