الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        [ ص: 51 ] الفرض الثاني : غسل الوجه ، ويجب استيعابه بالغسل وحده ، من مبدأ تسطيح الجبهة إلى منتهى الذقن طولا ، ومن الأذن إلى الأذن عرضا ، وتدخل الغايتان في حد الطول ، ولا تدخلان في العرض ، فليست النزعتان من الوجه ، وهما : البياضان المكتنفان للناصية أعلى الجبينين ، ولا موضع الصلع ، وهو : ما انحسر عنه الشعر فوق ابتداء التسطيح . وأما الصدغان وهما : في جانبي الأذن يتصلان بالعذارين من فوق ، فالأصح : أنهما ليسا من الوجه . ولو نزل الشعر فعم الجبهة أو بعضها ، وجب غسل ما دخل في الحد المذكور ، وفي وجه ضعيف : لا يجب إلا إذا عمها . وموضع التحذيف : من الرأس ، لا من الوجه على الأصح . وهو الذي ينبت عليه الشعر الخفيف بين ابتداء العذار والنزعة . وأما شعور الوجه ، فقسمان : حاصلة في حد الوجه ، وخارجة عنه . والحاصلة نادرة الكثافة وغيرها . فالنادرة : كالحاجبين ، والأهداب ، والشاربين ، والعذارين ، وهما : المحاذيان للأذنين بين الصدغ والعارض ، فيجب غسل ظاهر هذه الشعور وباطنها مع البشرة تحتها وإن كثفت . ولنا وجه شاذ : أنه لا يجب غسل منبت كثيفها ، وغير النادرة ; شعر الذقن والعارضين ، وهما : الشعران المنحطان عن محاذاة الأذنين . فإن كان خفيفا ، وجب غسل ظاهره وباطنه مع البشرة ، وإن كان كثيفا ، وجب غسل ظاهر الشعر فقط ، وحكي قول قديم ، وقيل وجه : إنه يجب غسل البشرة أيضا ، وليس بشيء . ولو خف بعضه وكثف بعضه ، فالأصح أن للخفيف حكم الخفيف المتمحض ، وللكثيف حكم الكثيف المتمحض . والثاني : للجميع حكم الخفيف .

                                                                                                                                                                        وأما ضبط الخفيف والكثيف ، فالصحيح الذي عليه الأكثرون ، وهو ظاهر النص ، أن الخفيف : ما تتراءى البشرة تحته في مجلس التخاطب . والكثيف : ما يمنع الرؤية . والثاني : أن الخفيف : ما يصل الماء إلى منبته من غير مبالغة . والكثيف : [ ص: 52 ] ما لا يصله إلا بمبالغة ، ويلحق بالنادر في حكمه المذكور لحية امرأة ، وخنثى مشكل ، وكذا عنفقة الرجل الكثيفة على الأصح . وعلى الثاني : هي كشعر الذقن .

                                                                                                                                                                        القسم الثاني : الخارجة عن حد الوجه من اللحية ، والعارض ، والعذار ، والسبال طولا وعرضا ، والأظهر وجوب إفاضة الماء عليها ، وهو غسل ظاهرها . والثاني : لا يجب شيء . وقيل : يجب غسل الوجه الباطن من الطبقة العليا ، وقيل : يجب غسل السبال قطعا . والمذهب الأول .

                                                                                                                                                                        قلت : قال أصحابنا : يجب غسل جزء من رأسه ، ورقبته ، وما تحت ذقنه مع الوجه ، ليتحقق استيعابه . ولو قطع أنفه ، أو شفته ، لزمه غسل ما ظهر بالقطع في الوضوء ، والغسل على الأصح . ولو خرج من وجهه سلعة ونزلت عن حد الوجه ، لزمه غسل جميعها على المذهب . وقيل : في النازل قولان . ويجب غسل ما ظهر من حمرة الشفتين ، ويستحب غسل النزعتين . ولو خلق له وجهان ، وجب غسلهما ، ويستحب أن يأخذ الماء بيديه جميعا . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية