الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        في شرط الرضاع لا تثبت حرمته إلا بخمس رضعات هذا هو الصحيح المنصوص . وقيل : تثبت برضعة واحدة ، وقيل : بثلاث رضعات ، وبه قال ابن المنذر ، واختاره جماعة . فعلى المنصوص لو حكم حاكم بالتحريم برضعة ، لم ينقض حكمه على الصحيح ، وقال الإصطخري : ينقض . والرجوع في الرضعة والرضعات إلى العرف ، وما تنزل عليه الأيمان في ذلك ، ومتى تخلل فصل طويل تعدد . ولو ارتضع ، ثم قطع إعراضا ، واشتغل بشيء آخر ، ثم عاد وارتضع ، فهما رضعتان ، ولو قطعت المرضعة ، ثم عادت إلى الإرضاع ، فهما [ ص: 8 ] رضعتان على الأصح ، كما لو قطع الصبي ، ولا يحصل التعدد بأن يلفظ الثدي ، ثم يعود إلى التقامه في الحال ، ولا بأن يتحول من ثدي إلى ثدي ، أو تحوله لنفاذ ما في الأول ، ولا بأن يلهو عن الامتصاص والثدي في فمه ، ولا بأن يقطع التنفس ، ولا بأن يتخلل النومة الخفيفة ، ولا بأن تقوم وتشتغل بشغل خفيف ، ثم تعود إلى الإرضاع ، فكل ذلك رضعة واحدة .

                                                                                                                                                                        قلت : قال إبراهيم المروذي : إن نام الصبي في حجرها وهو يرتضع نومة خفيفة ، ثم انتبه ورضع ثانيا ، فالجميع رضعة ، وإن نام طويلا ، ثم انتبه وامتص ، فإن كان الثدي في فمه فهي رضعة ، وإلا فرضعتان . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        قال الأصحاب : يعتبر ما نحن فيه بمرات الأكل ، فإذا حلف لا يأكل في اليوم إلا مرة واحدة فأكل لقمة ، ثم أعرض واشتغل بشغل طويل ، ثم عاد وأكل ، حنث ، ولو أطال الأكل على المائدة وكان ينتقل من لون إلى لون ويتحدث في خلال الأكل ، ويقوم ، ويأتي بالخبز عند نفاذه ، لم يحنث ، لأن ذلك كله يعد في العرف أكلة واحدة ، ولو ارتضع من ثدي امرأة ثم انتقل في الحال إلى ثدي آخر ، ففيه خلاف سنذكره - إن شاء الله تعالى - في الفصل الذي يليه .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لا يشترط وصول اللبن في المرات على صفة واحدة ، بل لو ارتضع في بعضها ، وأوجر في بعضها ، وأسعط في بعضها حتى تم العدد ، ثبت التحريم ، وكذا الصب في الجراحة ، والحقنة إذا جعلناهما مؤثرين .

                                                                                                                                                                        [ ص: 9 ] فرع

                                                                                                                                                                        لو حلب لبن امرأة دفعة ، وأوجره الصبي في خمس دفعات ، فهل يحسب رضعة أم خمسا ؟ قولان ، أظهرهما : رضعة ، وقيل : رضعة قطعا . ولو حلب خمس دفعات ، وأوجره دفعة ، فالمذهب أنه رضعة ، وقيل : على الطريقين . ولو حلب خمس دفعات ، وأوجر في خمس دفعات من غير خلط ، فهو خمس رضعات قطعا . وإن حلب خمس دفعات ، وخلط ، ثم فرق ، وأوجر في خمس دفعات ، فالمذهب أنه خمس رضعات ، وبه قطع الجمهور ، وقيل على قولين ، لأنه بالخلط صار كالمحلوب دفعة . ولو حلب خمس نسوة في إناء ، وأوجره الصبي دفعة واحدة حسب من كل واحدة رضعة ، وإن أوجره في خمس دفعات ، حسب من كل واحدة رضعة ، وإن أوجره في خمس دفعات ، حسب من كل واحدة رضعة على الأصح ، وقيل : خمس رضعات .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو شك هل أرضعته خمس رضعات ، أم أقل ، أو هل وصل اللبن جوفه أم لا ؟ فلا تحريم ولا يخفى الورع . ولو شك هل أرضعته الخمس في الحولين ، أم بعضها ، أو كلها بعد الحولين ، فلا تحريم على الأظهر أو الأصح ، والتحريم محكي عن الصيمري ، لأن الأصل بقاء المدة .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية