الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        هل تجب الزكاة في الحلي المباح ؟ قولان ، أظهرهما : لا تجب ، كالعوامل من الإبل والبقر . أما الحلي المحرم فتجب الزكاة فيه بالإجماع . وهو نوعان : محرم لعينه كالأواني والملاعق والمجامر من الذهب والفضة ، ومحرم بالقصد ، بأن يقصد الرجل بحلي النساء الذي يملكه - كالسوار والخلخال - أن يلبسه غلمانه ، أو قصدت المرأة بحلي الرجل - كالسيف والمنطقة - أن تلبسه هي أو تلبسه جواريها أو غيرهن من النساء ، أو أعد الرجل حلي الرجال لنسائه وجواريه ، أو أعدت المرأة حلي النساء لزوجها وغلمانها ، فكل ذلك حرام . ولو اتخذ حليا ولم يقصد به استعمالا مباحا ولا محرما ، بل قصد كنزه - فالمذهب : وجوب الزكاة فيه ، وبه قطع الجمهور . وقيل : فيه خلاف . وهل يجوز إلباس حلي الذهب الأطفال الذكور ، فيه ثلاثة أوجه كما ذكرنا في إلباسهم الحرير .

                                                                                                                                                                        قلت : الأصح المنصوص : جوازه ما لم يبلغوا ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                        [ ص: 261 ] فرع

                                                                                                                                                                        إذا قلنا : لا زكاة في الحلي ، فاتخذ حليا مباحا في عينه ، لم يقصد به استعمالا ولا كنزا ، أو اتخذه ليؤجره ممن له استعماله ، فلا زكاة على الأصح . كما لو اتخذه ليعيره . ولا اعتبار بالأجرة ، كأجرة الماشية العوامل .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        حكم القصد الطارئ بعد الصياغة في جميع ما ذكرنا حكم المقارن . فلو اتخذه قاصدا استعمالا محرما ثم غير قصده إلى مباح بطل الحول . فلو عاد القصد المحرم ابتدأ الحول ، وكذا لو قصد الاستعمال ثم قصد كنزا ، ابتدأ الحول ، وكذا نظائره .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا قلنا : لا زكاة في الحلي ، فانكسر ، فله أحوال . أحدها : أن ينكسر بحيث لا يمنع الاستعمال ، فلا تأثير لانكساره .

                                                                                                                                                                        الثاني : ينكسر بحيث يمنع الاستعمال ويحوج إلى سبك وصوغ ، فتجب الزكاة ، وأول الحول وقت الانكسار .

                                                                                                                                                                        الثالث : ينكسر بحيث يمنع الاستعمال ، لكن لا يحتاج إلى صوغ ، ويقبل الإصلاح بالإلحام ، فإن قصد جعله تبرا أو دراهم ، أو قصد كنزه - انعقد الحول عليه من يوم الانكسار . وإن قصد إصلاحه ، فوجهان أصحهما : لا زكاة وإن تمادت عليه أحوال ، لدوام صورة الحلي وقصد الإصلاح ، وإن لم يقصد هذا ولا ذاك ، ففيه خلاف . قيل : وجهان ، وقيل : قولان . أرجحهما : الوجوب .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية